التواصل  كيف حاك الشاباك (خدمة الأمن العام) المحاكمات والنتائج؟!

 

  • مدخل…

القول الشائع: “أن كل الدول في العالم لديها مخابرات عدا إسرائيل فهي دولة لدى المخابرات”، ليس مبالغة وإنما واقعا، والقول أن إسرائيل تعمل بورديّتين، ورديّة نهاريّة تعمل فيها مؤسساتها انفراديّا واستقلاليّا على الأقل مظهريّا، وورديّة ليليّة جمعيّة تتّحد فيها المؤسسات والقول الفصل في عملها للمخابرات، هو قول واقعيّ وبتاتا ليس من باب الخيال الشرقيّ الواسع.

بعد ثمان سنوات من الملاحقة بدء بالعام 2007 وانتهاء بالعام 2015 صدرت الأحكام ضد دعاة مشروع التواصل، بالتراجع عن الإدانة ضد رئاسة لجنة التواصل (المشايخ)، وفرض قائمة من الأحكام على راعي المشروع، الكاتب، سنة ونصف سجنا فعليّا، ونصف سنة إضافيّة مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات، وحجز جواز سفره.

يخطيء من يعتقد أن المحاكم الإسرائيليّة وفي هذا النوع من المحاكمات تعمل باستقلاليّة عن بقيّة المؤسسات وخصوصا الأمنيّة، ولا نقول هذا الكلام شعارا، يكفي أن تقرأ القرارات في المحاكمات: التراجع عن الإدانة والإدانة أعلاه، لتستنتج دون أن تكون ضليعا في القضاء والقانون، أن في هذه القرارات كلّ شيء عدا القضاء. كلّ ضليع في القضاء الإسرائيليّ يعرف تمام المعرفة، أن في القضايا من هذا النوع، القضايا السياسيّة ذات العلاقة بخلفيّة وطنيّة وقوميّة، هنالك “سياسة قضائيّة” وليس “قضاء”.

إضافة، لا يمكن إدراك المعاني وراء السؤال وفهم الإجابة عليه إلا إذا وُضعا في السياق التاريخيّ السياسيّ للصراع الفلسطينيّ الصهيونيّ، والوقوف على بعض محطاته. فقد كان الهم الأكبر للحركة الصهيونيّة وقبل أن تولد كحركة وبدء من الهجرة اليهوديّة الأولى في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر وحتى النكبة، هو الوجود الفلسطينيّ رغم مقولتها الديماجوجيّة الشهيرة “فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

طوّرت الصهيونيّة في مواجهة هذا الوجود آليات وأدوات كثيرة في صلبها ضرب هذا الوجود، قناعة منها أن التناقض بين حلمها وهذا الوجود هو تناحريّ. هكذا كان قبل النكبة وهكذا كان وما زال ما بعد النكبة وقيام إسرائيل. ضرب هذا الوجود أخذ أشكالا عدّة، إزالته حيث يتأتى الأمر، وإن لم يتأتى فتفكيكه بضرب مواطن قواها الأساسيّة: ظهيره الاقتصاديّ، لقمة عيشه، وظهيره المعنويّ، وحدته.

التواصل يقع في سياق موطن القوة الثاني، ولا مجال هنا للوقوف على كلّ المحطّات، ولكن تكفي الإشارة إلى بعضها ما قبل النكبة: دراسة أوليفانت لورنس من العام 1882، وورقة العمل التي حضّرها قسم البحوث السياسيّة في المنظمّة الصهيونيّة بناء على توجيهات رئيس المنظمة حاييم وايزمن حينها بعد زيارته البلاد عام 1920، وورقة العمل التي صاغها يتسحاك بن تسفي عام 1932. (1) العرب الدروز….

أما ما بعد النكبة وقيام إسرائيل فالمحطات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، تستطيع للتخصيص أن تراجع الدراسة : “العمل العربيّ الوطني بين الدروز في ال48 بين المزايدة والمتاجرة”. (2) بين يهوديّتهم وطوئفيتنا….

انطلاقا من هذه الخلفيّة نستطيع أن ندرك، ما قبل، وما في، وما بعد السؤال أعلاه، ومن ثمّ إدراك وفهم الإجابة التي ستطرحها كلمات هذا العرض أو الاستعراض.

17 تشرين الأول 2015

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*