كانون الثاني 2007
عودة على ما يجب ألا ينسى:
ظواهر الخدمة ” ألأمنية” بكل مسمياتها؛ اجبارية، تطوعية، في الجيش او الشرطة. وطنية، مدنية وشرطة جماهيرية سلسلة واحدة، وأي اختيار لحلقة من حلقاتها والعمل على تحطيمها لا يوفي بالغرض بل اكثر من ذلك يطرح الكثير من التساؤلات، وهو تلهي بمعركة جانبية ربحها او خسارتها سيان!
لجنة المتابعة العليا في اجتماعها يوم 19.12.04 اقرت التحضير لمؤتمر عام لمحاربة كل انواع الخدمة “الأمنية” بكل مسمياتها وذلك خلال ثلاثة اشهر(!)، وحسب ما فهمنا في الاجتماع الأول لــ اللجنة التحضيرية يوم 27.1.05 ان القرار اتخذ بإجماع مركبات لجنة المتابعة . شرعي جدا بل أكثر من شرعي أن يقوم كل حزب بإطلاق فعاليات في المعركة ، ولكن شرعي بل اكثر من شرعي أن يسال السؤال؛ لماذا يخرج شعار مثل هذه الفعاليات عن قرار لجنة المتابعة الذي ينص حرفيا ان المعركة المتفق عليها هي ضد كل مسميات الخدمة الأمنية . اسوق هذا الكلام وأنا أتابع نشاطات وملصقات الرفاق في نفس المعركة، في الجبهة.
لا اعتقد ان موقف الرفاق في الجبهة يختلف عن موقف كل القوى الوطنية من كل مسميات الخدمة “الامنية” ،ولا اعتقد أن الرفاق في الجبهة يختلفون معنا أن الخدمة المدنية هي، على خطورتها، اضعف حلقات السلسلة، فالتطوع للخدمة في الجيش المتفشي بالآلاف ( ولا احد يتهمني اني ابالغ فلدينا الاحصائيات ) هو اخطر مليون مرة من الخدمة المدنية ولا يطمرٌن احد منا رأسه في الرمل.
هل نحن في صدد قرار رفع عتب؟
كان اقتراح عقد مؤتمر وطني لمحاربة التجنيد والتجٌند بين كل شرائح ابناء شعبنا في ال-48 مطروحا منذ عقد لقاء التواصل القومي عمان آب 2001، واتهمنا حينها ان القيادات العربية لا تقبل الأمر لان تفشي ظواهر التطوع لكل اذرع الأمن بين ظهرانينا هو شهادة سوء سلوك لكل القيادات ” وخلي الحكاية مستورة ” ، وفي اضعف الإيمان اتهمنا نحن المطالبون بمثل هذا المؤتمر ونحن من القوى العربية الدرزية الفاعلة ضد التجنيد الإجباري المفروض قسرا على العرب الدروز، اننا في اضعف الايمان نبالغ، وراح البعض لأبعد من ذلك باتهامنا بمحاولة للتغطية على تجنيد الدروز والتبرير (هكذا !) ، رغم ادعائنا البسيط أن التجنيد والتٌجند جانبين لعملة واحدة يغذي واحدهما الآخر.
جاء مقتل الجنود الخمسة ” العرب ” قبل أشهر ليرفع حصيلة الجنود القتلى العرب في الانتفاضة الأخيرة إلى 23 منهم فقط 5 دروز ليقصم ظهر الجمل وليذر الرمل عن كل الرؤوس، فاتخذت لجنة المتابعة قرارها التاريخي المذكور بعقد مؤتمر خاص ووضعت جدولا زمنيا لعقده مدته 3 أشهر، مر حتى الآن 4 أشهر وعقد فقط اجتماع واحد لـ اللجنة التحضيرية ،صحيح ان هذا الاجتماع اعطى نفسه بعض المتسع لكن هذا المتسع بدأ يتسع (!) وخرج بعض المشاركين بمعركة يحملون لواءً واحدا من الالوية التي رفعها قرار لجنة المتابعة .
الكل مجمع اننا على مشارف سنة انتخابات “وكنك فيها ” الكل سينشغل بترتيب بيته الانتخابي وكون هذه ام المعارك (!) ستضيع معركة المؤتمر وسيسجل التاريخ اننا خضناها بكل ما اوتينا من قوة وانتكسنا وربما كذلك هذه المرة بسبب المؤامرة الأميركية لشرق اوسط جديد (!) اليس من عاداتنا وتقاليدنا ان ننتكس في كل معركة؟
وذكر ان نفعت الذكرى !
قانون التجنيد الإجباري الإسرائيلي يفرض الخدمة على كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية (خصوصا لم استعمل المواطنة ) والعرب عدا العرب الدروز معفيون بقرار حكومي . هذا القرار اعلن بطلانه رئيس الحكومة شارون في مؤتمر رجال الأعمال في هرتسليا، وعاد وأعلنه في ضيافة الرؤساء العرب في الناصرة، وأكده من على منصة الكنيست، وشكل لجنه خاصة من مجلس الأمن القومي في مكتبه برئاسة قائد الطيران ومدير عام وزارة ” الدفاع” لاحقا الجنرال احتياط دافيد عبري. هذه اللجنة بدأت عملها أسرع مما توقع كل الحكماء (!) ويوم 8.6.04 أرسلت رسائل للعديد من الشخصيات العربية لاستنباط رايها ،وقد اخفتها هذه الشخصيات ربما خجلا (نسخة عن الرسالة موجودة معنا )،ويوم 19.8.04 قدمت اللجنة توصياتها بضرورة فرض الخدمة على العرب لأنها خلصت إلى أن الظروف ناضجة اللهم لنسميها خدمة مدنية وليس وطنية احتراما لأحاسيس العرب (!)
هذا هو الحاصل وما كان يمكن ان يحصل لولا ان الحكومة لم تجد أن الظروف ناضجة مؤاتية واولا وقبل كل شيء لان آلاف (نعم آلاف) ودون لف ولا دوران من العرب يتطوعون لأذرع الامن المختلفة.
الخلاصة:
نحن امام نكبة اخرى فان كانت نكبة ال-48 غرٌبت غالبية أبناء شعبنا عن أرضنا وعتٌا فنحن في صدد نكبة تغريبنا عن شعبنا وعن امتنا ،وإلقائنا في مستنقع غربة عميق منتن، لن تنتشلنا منه لا المعارضة اللبنانية ولا الموالاة ولا حزب الله ولا المقاومة العراقية ولا خطة فك الارتباط ولا التصدي للمؤامرة الامبريالية الأميركية لشرق عربي جديد ديمقراطي(!) . تنتشلنا منه عقولنا المتوحدة وسواعدنا المتشابكة في معركة موحدة نحو المؤتمر الوطني العام ، نرفع فيها كل الألوية دون إسقاط أي منها وبالذات أكبرها ثقلا حتى وان كان حتى الآن هم على بعض شرائحنا دون غيرها ،التجنيد الإجباري ، هذا إذا كنا لم نستغن ولن نستغني عن هذه الشريحة هذا الجزء من نسيجنا الذي سيظل “مشلوخا ” دونها .
المحامي سعيد نفاع
رئيس ميثاق المعروفيين الأحرار
كانون الثاني 2007