البقيعة وماء وجه الشرطة

 

تشرين الثاني 2007

من السذاجة بمكان الاعتقاد أن الذي حدث في البقيعة وما زال هو نتيجة حرق هوائية لشركة اتصالات، أقامها مستوطن مقيم في الضفة الغربية على “قن” للدجاج يملكه في بكعين المحاذية للبقيعة، بعيدا عن بيوت سكان بكعين قريبا إلى بيوت البقيعة. ومن السذاجة بمكان الاعتقاد أن حرق الهوائية جاء على يد نفر طائش من الشباب تملّكته القناعة أن الهوائية وراء العديد من إصابات السرطان في الحيّ المحاذي للهوائية.

لا نريد أن نعيش على “اللو” ولكن من الضرورة أن نعرف أن كل المحاولات التي تمّت لإقناع هذا المستوطن من أهل البقيعة باءت بالفشل أمام إصراره الذي تمثّل في الرّد : “من ناحيتي ليمت كل العرب والدروز المهم مصدر دخلي” !

بطبيعة الحال أن تكون في كل مواجهة مع الشرطة وبالذات مع “المواطنين” العرب، وجهتا نظر واحدة للشرطة وأخرى للمواطنين، تتبنى الحكومة ووسائل الإعلام العبرية وجهة نظر الشرطة، فتصير الشرطة الضحيّة والمواطنون معتدون.

فبدون موقف مسبق لندع حيزا للمعرفة والمنطق، ففي باب المعرفة فإن القانون الجنائي الإسرائيلي لا يحتّم اعتقالا عل جنايات تتسبب في الضرر للأملاك، والبيّنة أن الشرطة لم تهجم على أهالي رمات هشارون الذين أحرقوا هوائية في بلدهم قبل مدّة، والمحكمة أطلقت سراح شبّان البقيعة الذي اعتقلوا يوم حرق الهوائية، غداة يوم الاعتقال. إذا فبأي منطق تغار الشرطة بالمئات من أفرادها ووحداتها الخاصة في ساعات الليل المتأخرة على أهالي البقيعة؟!

تماما مثل هذا السؤال يطرح فيما حدث بعيد مظاهرة أهل الطيبة يوم السبت الفائت، والتي انتهت بسلام، ليتم بعدها هجوم على الأولاد ويروح ضحيّته طالب جامعي للحقوق خارج من الطيبة إلى جامعته فيضرب حتى يغمى عليه؟!

القضيّة قضيّة نهج مبيت ضدّ العرب بشكل عام لا فرق بين البقيعة والطيبة، نهج مطبوخ في أروقة الأجهزة الظلاميّة هدفها قمع إرادتنا في التصدي للمظالم، وما الشرطة إلا أداة للتنفيذ، فهل يعتقدنّ أحد أن ضابط لواء في الشرطة يستطيع أن يأمر بمثل هكذا عمليّة كالتي كانت في البقيعة دون علم أعلى المستويات؟!

والقضية من ناحية أهالي البقيعة تعبير عن احتقان تراكميّ طويل الأمد على سياسة استهتار تجاههم وتجاه ل”من ينتمون” مذهبيّا وقوميا، دأبت السلطة وأزلامها خنق هذا الاحتقان، فانفجر ولن تقف نار الانفجار عند هذا الحدّ والأيام المقبلات ستنبؤنا.

علت الأصوات الكثيرة في أروقة الساسة الإسرائيليين المطالبة بلجنة تحقيق، وهذا هو مطلب كذلك أهالي البقيعة، ولكن يجب أن لا نضيّع البوصلة فشتّان ما بين المطلبين.المؤسسة تريد لجنة تحقيق ليس لرفع ظلم عن أهالي البقيعة إنما لحفظ ماء وجوه رجالها التي ديست في البقيعة، أمّا أهالي البقيعة فيريدون لجنة تحقيق تضع الأمور في نصابها عن الأحداث، والأهم ما قبل وما وراء الأحداث.

 

النائب سعيد نفّاع

تشرين الثاني 2007

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*