محطات على مفارقنا وكلوا بطيخ!

شباط 2007

  1. دموع تقطع القلب

في لحظة انسانية مجردة يتيه قلب المتتبع الاخلاء من غزة مع دموع بعض الاطفال المقلوعين من ” بيوتهم” . غير انه سرعان ما يقفز عقله الى المسرح ليروح بعيدا الى الوراء الى 58 سنة خلت ، ويحاول ان يتخيل الفرق بين دموع هذا الطفل رغم الحنان الذي يلفه من كل صوب مع ذلك الطفل الذي اقتلع عندها تحت الرصاص . الفرق بين هذا الطفل الذي تقدم له الحلوى وذاك الذي قضاها ليال يحن الى قطرة الماء . الفرق بين هذا الطفل الذي سينتهي به المطاف بعد ان تطفا كاميرات التلفاز على الفراش الوثير لاحد الفنادق خمسة نجوم وذاك الذي افترش العراء الليالي الطوال قبل ان تاتيه ” البطانية “من مخلفات الحرب العالمية الثانية ملطخة بالوحل والدماء . يمر هذا الشريط في الذهن سريعا ومع هذا لا يستطيع ان يتشفى ، اللهم يتساءل هل اهل هذا الطفل وذوو قرباهم يمكن ان يفهموا  انهم اقتلعوا يوما مئات الاطفال  دون ان يحظى هؤلاء لا بعناق ولا بحلوى ولا بفراش وثير ، ورغم مرور السنين ومداهمة الشيب رؤوسهم الا انهم ما زالوا اطفالا على طرقات فلسطين الترابية حفاة عطاش جياع يبحثون عن بيت اقتلعوا منه دون عناق، اللهم ذلك الذي فعلته امهم جاعلة جسدها ترسا لهم تحت زخات الرصاص . لا يتشفى ويتساءل هل تذكرنا  الدموع هذه نحن اهل هؤلاء الاطفال الغزا رؤوسهم الشيب انهم ما زالوا يحنون الى عناق افتقدوا معناه، فلا نعانق من حرمهم ذلك العناق ؟

 

  1. عربي ويخليني

دابت محطات التلفزيون الاسرائيلية ان تشبعنا بصور الجنود الذين يتلقون كل انواع الاهانات ، وحتى البصاق على سحنهم دون ان ينبسوا ببنت شفة، ربما لانهم افتقدوا السلاح الذي اشتهروا بسرعة الضغط على زناده بعد ان جردهم منه المسؤولون  خوفا من ان الذي ادمن شيئا لن يتخلص منه بسهولة ” سبحان الذي يغير ولا يتغير “لكن المصوريين وبزلة كاميرا  ، اظهروا ذلك الجندي الذي اتخذ احد الجدران يخبا دموعه وضابطه يحاول جاهدا تهدئته ، يبدو انه لم يصمد امام الاهانات  والتي استطاعت اذننا ان تلتقطها ” عربي ويخليني”، بعد ان اكتشف  المستوطنون  حقيقته فهو في نظرهم  عربي لن يشفع له اللباس ولن يغير حقيقته مهما حاول ابتلاع الاهانات التي طالت امه واخته ، ولو حدثت في قريته لكانت سببا في “طوشة” عمومية .  السؤال :بعد ان اكتشف المستوطون حقيقته هل سيكتشفها هو ؟

 

3.المرحوم عيدن زادا

رغم ان مذبحة شفاعمرو لم تات بمعزل عن الاخلاء من غزة وانما تكونت وولدت في رحم السياسة الاسرائيلية وقبل الاخلاء ، الا انها ضاعت في خضم الاحداث مثلما ضاعت مذبحة القدس بالامس .

حوكم وما زال على الاقل جماهيريا يهوديا واعلاميا حتى الآن، كل من لم يسم بالتخريبية والمخربين منفذي العمليات الانتحارية في اسرائيل ، فاية تسمية غير تلك التي ينص عليها “الليكسكون” الاعلامي السلطوي الاسرائيلي ، دليل عليك ايها العربي انك متعاطف معها  ،وهذة منقصة في مواطنتك وانسانيتك  .

التلفزيون الاسرائيلي القناة الثانية في برنامجه الاخباري الصباحي مع ” ماني بئير” وخلال مقابلة هاتفيةمع ام منفذ عملية شفاعمرو كتب :” صوت ام عيدن زادا (ז”ל) ذكره مبارك” . فلا يغرن احد منا المسميات !

 

  1. العلم والبطيخ

وانا اجول على المحطات على مفارقنا  ،وصدفة  ولاني احب البطيخ ، كنت خلال تنقلي بين المحطات آكل بطيخا فقفزت الى ذهني محطات “العلم والبطيخ” التي تملا ” بسطات ” بيع البطيخ على طول طرقنا ومفارقنا .

الرسام الهولندي المشهور”فان جوخ” والذي مات جوعا وليس قبل ان يقص اذنه هدية لحبيبته . كان راهبا اول حياته وللتخفيف عن عمال المناجم المسحوقين ، اتخذ لنفسه منهجا ان يزورهم في المناجم ( المقابر) لعل في ذلك وباضعف الايمان تخفيفا عنهم ، لكن حتى هذا اعتبره اصحاب المناجم مدعاة للقلق فاشتكوه للبابا فارسل اليه هذا رسالة مفادها انه بعمله هذا يسىء الى بدلة المسيح . فما كان من “فان جوخ” الا ان اجابه : ” ان كنت بهذا اسىء الى بدلة المسيح فانت بمنعي تسىء الى دين المسيح ” . القي على ” فان جوخ “الحرمان واخرج من الكنيسة . ساقت لقمة العيش الراهب للعمل عند احد التجار فلم يطل به المطاف حتى ترك العمل مفضلا الجوع وليس قبل ان يصرخ : ” ان التجارة هي السرقة المشروعة “.

فكلوا بطيخ من تحت العلم الاسرائيلي فهذا يزيده احمرارا وحلاوة … جربوا !

 

سعيد نفاع

شباط 2007

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*