التعامل مع الدروز في ال-48 في الإعلام العربيّ كوحدة واحدة غبنٌ تاريخيّ

 

 

وقفات على المفارق

وقفة أولى ووحيدة هذه المرّة            

التعامل مع الدروز في ال-48 في الإعلام العربيّ كوحدة واحدة غبنٌ تاريخيّ

 

التطورات الأخيرة على الساحة السوريّة وضعت العرب الدروز الفلسطينيّين على “فوّهة” الإعلام العربيّ وبالذات الخارجيّ، بوتائر لم يسبق لها مثيل حتّى عندما كانوا يستصرخون هذا الإعلام أن يتناول قضاياهم الحارقة في التصدّي للمؤسسة الإسرائيليّة. ولكن الملفت أن التناول هذه المرّة، وعلى الغالب، يتعاطى مع ال-110 آلاف درزي فلسطيني كوحدة واحدة متجانسة سياسيّا، كان ذلك في العلاقة مع المؤسسة الإسرائيليّة أو في العلاقة فلسطينيّا وعربيّا أو في سياقنا العينيّ سوريّا.

هذا غبنّ تاريخيّ والأمر الذي يجعل القاريء العربيّ أو المستمع أو المشاهد، يعتقد أن 110 آلاف فلسطيني يسيرون صاغرين كالأغنام في ركب ما يُسمّى في وسائل الإعلام “قيادتهم” الدينيّة والسياسيّة. والمُقلق أكثر أن غالبيّة مراسلي وسائل الإعلام العربيّة هم من الداخل والمفروض أن يزوّدوا وسائلَهم بالصورة والواقع الدقيقين، وهذا ما لا يفعلون، وفي غالب الأحيان عن عدم حذر مطلوب وفي بعضها جهلا.

ولعلّ ما جاء في تقرير الموقع الإلكترونيّ “رأي اليوم” والذي يرأسه الصحافيّ المعروف عبد الباري عطوان، وبقلم الصحافي القدير زهير أندراوس، هو بيّنة واضحة على ما أدّعي، لا بل أكثر من ذلك فإن النقل عن المصدر لم يكن دقيقا، ويخلق في ذهن القاريء معلومات وانطباعات غير صحيحة، وأعتقد جازما أن الأخ أندراوس لم يرمي لها، ولذا فمطلوب الحذر، والحذر الشديد وبالذات على ضوء ما نعيشه اليوم من تحريض طائفيّ مقيت، كان وما زال الباب المشرع لكل أعداء الأمة، منه ولجوا ومنه يلجون بين ظهرانينا.

فقد جاء في عنوان تقرير الصحافي أندراوس: “يعالون: مساعدات للتنظيمات المعارضة المسلّحة مقابل عدم المس بالدروز” (!)، وفي صلب التقرير جاء: ” الدولة العبرية حددت شروطا… وأحدها عدم المس بالسكان الدروز في الجولان وفي جبل الدروز” (!). أندراوس اعتمد في تقريره على موقع “The times of Israel”، وماذا جاء في هذا السياق في الموقع ؟!

أولا: العنوان هو “إسرائيل تعترف أنها تساعد المحاربين الثوار السوريّين”، ليس كما جاء في تقرير أندراوس.

ثانيا: فيما يخص الدروز جاء في قول يعالون:  “He said that such aid is extended under two conditions –      that the fighters don’t let Islamic extremists to get close to the border, and that they don’t hurt the local Druze population.”

أين ضاعت من التقرير كلمة المحليّين يعني في الجولان (قرية حضر والتي رغم ذلك يشهد الواقع الميداني فيها عن زيف هذا الادعاء)،  ومن أين دخل جبل الدروز ؟!

ثالثا: شمل التقرير مقولات وتصريحات لشخصيّات مختلفة درزية وغيرها والمشترك بينها أنها جزء من المؤسسة أو ترى نفسها كذلك، فكان حريّ بالأخ زهير أن يضمّن تقريره رأي المعسكر الآخر لدى الدروز المعسكر الوطنيّ، وعلى الأقل حتى توضع أمام القاريء العربيّ الصورة والواقع الوافيان، وخصوصا أنه استعمل في فاتحة تقريره نصّا:

“علاوة على ذلك، وبسبب الضغوط التي يُمارساها قادة الدروز في إسرائيل، الذين يخدمون في الجيش الإسرائيليّ منذ العام 1956، أعلنت إسرائيل رسميًا اشتراطها مُواصلة تقديم العلاج لمقاتلي المعارضة المُسلحّة السوريّة مُقابل دروز سوريّة”.

هذا النص لغير العارفين، عدا عن عدم الدقّة في استعمال “دروز سوريّة”، يخلق الانطباع وكأن للدروز الفلسطينيّين ال-110 آلاف قيادة واحدة يأتمرون بأمرها ويسيرون في ركابها صاغرين، وليست الحقيقة كذلك، وثانيا وكأن كل الدروز يخدمون في الجيش برضاهم، وهذا مناف للحقيقة الميدانيّة من ناحية، ومن الأخرى، فعلى الدروز مفروض قانون التجنيد الإلزاميّ، بعد أن أبطل عنهم الإعفاء دون بقيّة العرب عام 1956، وهكذا كان يجب أن يُشار إلى الموضوع.

العرب الدروز الفلسطينيّين كما بقيّة الشرائح في ال-48 ليسوا على مشرب واحد سياسيّا، الفارق الوحيد هو أن غالبيّة القيادات التقليديّة ، الدينيّة والسياسيّة، عند العرب الدروز متساوقة مع السياسة المؤسساتيّة لكنها بتاتا لا تمثلّ القاعدة بكليّتها، بل على العكس تلعب دور “المنفّس” في غالب الأحيان للنقمة المتزايدة لدى العرب الدروز الفلسطينيين على سياسة المؤسسة، وحريّ بالتذكير أن المظاهرات الجارفة مؤخرا في القرى، كانت ضدّ رأي ما يسميها الأخ زهير “قيادة الدروز” خصوصا وأن النفس الغالب فيها كان تحميل المؤسسة الإسرائيليّة المسؤوليّة عن الاعتداءات التي يتعرض لها دروز الجولان خلف خطوط وقف إطلاق النار، ولعلّ في التعرّض لسيارات نقل الجرحى في حرفيش أكثر منه في مجدل شمس، بغض النظر عن الموقف المبدأي من ذلك، البيّنة والبرهان .

مثبت تاريخيّا وفي الأدبيّات الصهيونيّة والفلسطينيّة، أن الغلبة بين العرب الدروز كانت للقيادات الوطنيّة العروبيّة قبل النكبة، وقد انقلب الأمر ما بعدها على ضوء النتائج في ال-48 وقيام إسرائيل، لكن بقيت وما زالت قيادات دينيّة ودنيويّة وطنيّة ومن الصف الأول عربيّا، ولها امتدادها الجماهيريّ بين الدروز كذلك اليوم، ولها دورها الفاعل اليوم كذلك فيما يتعلّق بالأزمة السوريّة وإسقاطات ذلك على الدروز، وعلى مواقفهم.

يعاني العرب الدروز وخصوصا الصوت الوطنيّ من تعتيم إعلاميّ إسرائيلي شبه مطبق، والإعلام العربيّ المحليّ في الكثير من الأحيان ولأسباب أبعد كثيرا ما تكون عن الموضوعيّة يتساوق مع ما يُطرح في الإعلام العبري. الإعلام العبري الرسميّ يفتح أبوابه على مصاريعها ما “قيادة الدروز” تلك المتساوقة مع سياسات المؤسسة ليبدو وكأن موقفها هو الطاغي، وقد نجح كذلك بخلق صورة وواقع مشوهين وقعت ضحيّته وسائل الإعلام العربيّة إقليميّا، وظهر وكأن ما تعلن عنه هذه القيادات من مواقف عبر الإعلام الإسرائيلي، هو الموقف لكل ال-110 آلاف درزي فلسطيني وأن لا قيادات غيرها.

لا نريد أن نجمّل وضعا وليس هذا ما نبغيه، فما زالت لدى العرب الدروز الفلسطينيين قطاعات واسعة ملتحقة بركب هذه القيادات موقفا وممارسة وبالتالي بركب المؤسسة، ولكن هذا لا يعني بتاتا أن لا قيادات أخرى وتمثل قطاعا واسعا هي وطنيّة وحملت وتحمل الهمّ الوطنيّ العروبيّ في ظروف شبه مستحيلة، ولها على الإعلام العربيّ دين كبير.

سعيد نفاع \ 1 تموز 2015

 

The times of Israel

Israel acknowledges it is helping Syrian rebel fighters

Defense Minister Moshe Ya’alon said Monday that Israel has been providing aid to Syrian rebels, thus keeping the Druze in Syria out of immediate danger. Israeli officials have previously balked at confirming on the record that the country has been helping forces that are fighting to overthrow Syrian President Bashar Assad.

During a briefing with Israel’s diplomatic correspondents at the IDF’s headquarters in Tel Aviv, Ya’alon said that Israel’s ongoing humanitarian assistance to Syrian rebel fighters, a source of growing conflict between Israel and its own Druze population, safeguards the minority population in Syria.

“We’ve assisted them under two conditions,” Ya’alon said of the Israeli medical aid to the Syrian rebels, some of whom are presumably fighting with al-Qaeda affiliate al-Nusra Front to topple Syrian President Bashar Assad. “That they don’t get too close to the border, and that they don’t touch the Druze.”

The Druze on Israel’s side of the Golan, Ya’alon charged, acted “irresponsibly” last week by attacking an Israeli ambulance carrying wounded Syrian rebel fighters. One person was killed and another wounded during what Prime Minister Benjamin Netanyahu termed a “lynching.” The person in the Israeli ambulance was not affiliated with the al-Nusra Front, and his death would provoke calls for revenge, Ya’alon asserted.

Israel has treated over 1,000 wounded Syrians in its hospitals since the onset of the civil war in 2011.

Israel will continue to act with sensitivity regarding the Druze, Ya’alon said. “On the other side — the rebels on the other side feel that we’re acting sensitively,” he said.

Israel has provided humanitarian assistance to wounded Syrian fighters located near the shared border since the civil war stated, the defense minister said. He said that such aid is extended under two conditions – that the fighters don’t let Islamic extremists to get close to the border, and that they don’t hurt the local Druze population.

 

 

 

يعالون: مساعدات للتنظيمات المُعارضة المُسلحّة مقابل عدم المسّ بالدروز ويدلين لا يستبعد تدّخل سلاح الجو الإسرائيليّ في حماية الدروز من النصرة والدولة الإسلاميّة

الناصرة -”رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

على الرغم من الأزمة في العلاقات بين الطائفة الدرزية في إسرائيل وقيادة الدولة في أعقاب الهجمات على سيارات إسعاف تابع للجيش الإسرائيلي كانت تحمل مصابين سوريين الأسبوع الماضي، تُحاول الدولة العبريّة استثمار المعضلة الدرزيّة لصالحها وإظهار نفسها بأنّه المُدافعة الأولى عن طائفة الموحدّين العرب في منطقة الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، وبسبب الضغوط التي يُمارساها قادة الدروز في إسرائيل، الذين يخدمون في الجيش الإسرائيليّ منذ العام 1956، أعلنت إسرائيل رسميًا اشتراطها مُواصلة تقديم العلاج لمقاتلي المعارضة المُسلحّة السوريّة مُقابل دروز سوريّة.

وفي هذا الإطار صرحّ وزير الأمن الإسرائيليّ، موشي يعلون، أنّ الدولة العبريّة حددت شروطًا للمعارضة السورية في المناطق القريبة من الحدود مقابل استمرارها في تقديم المساعدات الإنسانية لهم، وأحد الشروط عدم المس بالسكان الدروز في الجولان وفي جبل الدروز. وتابع الوزير الإسرائيليّ قائلاً إنّ مًنْ أسماهم بالمتمردين السوريين الملاصقين للجدار الحدودي يحصلون على مساعدات إنسانية من تل أبيب، موضحًا أنّ تل أبيب وافقت على مساعدتهم بشرطين: عدم السماح لتنظيمات إرهابيّة بالاقتراب من الحدود، والثاني ألّا يتعرضوا للدروز، حسبما ذكر.

في السياق ذاته، قال مسؤلون سابقون في المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة أن الدولة العبريّة قد تضطر للتدخل عسكريًا في سوريّة لحماية البلدات الدرزية من هجمات من قبل متطرفين إسلاميين. وفي وقت سابق من هذا الشهر تحدثت وسائل إعلام سوريّة عن أنّ المقاتلين من (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم (القاعدة) قتلوا مدنيين دروز في قرية قلب لوزة، بالقرب من الحدود التركية.

علاوة على ذلك، فإنّه في الشهر الماضي قال قائد (النصرة)، أبو محمد الجولاني، لقناة (الجزيرة) القطريّة إنّ رجاله بدئوا بتحويل الدروز إلى الإسلام في مناطق تحت سيطرة التنظيم. ورأى موقع (تايمز أوف إزرائيل)، نقلاً عن مصادر أمنيّة في تل أبيب، أنّ الخطر الذي يُواجه الدروز في سوريّة أدخل إسرائيل في معضلة إستراتيجيّة: هل عليها الحفاظ على سياسة تتبعها منذ 4 سنوات بعدم التدخل في الحرب الأهلية السورية، أو أنّ عليها إنقاذ أبناء أقلية تنتمي لطائفة وقفت مع الصهيونية ضدّ الجيوش العربية حتى قبل قيام دولة إسرائيل، وما تزال أكثر المجموعات الناطقة بالعربية إخلاصًا لإسرائيل؟  وفي هذا الإطار، قال الجنرال في الاحتياط، عاموس يادلين، القائد الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش الإسرائيليّ، والذي يشغل حاليًا منصب رئيس معهد دراسات الأمن القوميّ (INSS) في جامعة تل أبيب، قال أنّ لإسرائيل دور ملح في إنقاذ دروز سوريّة من الذبح، وكذلك بالنسبة للأقليات الأخرى في البلاد.

وقال يادلين للموقع الإسرائيليّ إنّ هناك ضرورة ملحة في مساعدتهم، يعززها الضغط من دروز إسرائيل للقيام بذلك. ولكن من المفهوم أنّ تدخلاً إسرائيليًا سيُضعف على الفور شرعية المعارضة محليًا وفي أعين العالم العربي.

وبحسب الجنرال في الاحتياط  يادلين، فإنّه على إسرائيل أنْ تقوم أولاً بتوجيه رسائل إلى جماعات المتمردين المتعددة في سوريا بأنها لن تتسامح مع مجزرة بحقّ الدروز، وتابع قائلاً إنّه إذا لم ينجح ذلك، لدى إسرائيل القدرة على استخدام سلاح الجو ضد أولئك الذين يحاولون احتلال القرى الدرزية. وساق قائلاً إنّه شخصيًا يعتقد أنّه لا يوجد مبرر لتدخل بري. لافتًا إلى أنّه على إسرائيل أيضًا تقديم المساعدة على المستوى الإنساني، ومساعدة اللاجئين على الجانب السوري من هضبة الجولان.

وأشار الموقع الإسرائيليّ إلى أنّه في الوقت الحالي، ما زال دروز إسرائيل يبدون حذرًا في المطالبة بتدخل بلادهم عسكريًا في سوريّة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، وفي مقابلة مع قناة (الحرة) العربيّة الأمريكيّة، قال الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، إنّه خلال لقائه مع رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو ورئيس هيئة الأركان الجنرال غادي آيزنكوط قال إنّه لا توجد لديه توقعات بدخول قوات إسرائيلية على الأرض.

وقال طريف أيضًا: لم نطلب من إسرائيل التدخل في الشؤون السورية، وأضاف: كطائفة، ندعو لمساعدة إنسانية. ولكن هذا الموقف قد يتغير سريعًا. ففي الأسبوع الماضي التقى القيادة الدرزي اللبناني وليد جنبلاط مع ملك الأردن عبد الله الثاني لمناقشة الحماية الإنسانية لطائفته في المملكة الهاشمية، وهي فكرة قوبلت بفتور من قبل الحكومة الأردنية. في إسرائيل أيضًا القرار حتى الآن هو عدم اتخاذ قرار، قالت المصادر السياسيّة في تل أبيب للموقع الإسرائيليّ.

وعن سؤال حول ما إذا كان على إسرائيل التدخل لحماية الدروز في سوريّة، قال الضابط المُتقاعد يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لقسم الأبحاث في المخابرات العسكرية والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الإستراتيجية، إنّه لا ينبغي على إسرائيل أن تشغل نفسها بما أسماها أسئلة افتراضية. وقال لـ(تايمز أوف إسرائيل)، في هذه المرحلة، لا يواجه الدروز تهديدًا فوريًا”، وأضاف: لا يوجد هجوم محدد ضدهم.

على العكس، حتى (جبهة النصرة) التي قتلت 28 درزيًا في الشمال سارعت إلى التصريح بأنّ ذلك كان خطأ واعتذرت. وأشار الضابط الإسرائيليّ إلى أنّه لا علم له بوجود عناصر في سوريّة تستهدف الدروز، لذلك أعتقد أنّ التهديد مبالغ به، حسبما ذكر. مع تراجع نظام الأسد في جنوب سوريّة، كما يشير كوبرفاسر، يخشى الدروز بطبيعة الحال من المتمردين السُنّة جنوب السويداء، حيث يتمركزون، وعلى الأخص من تنظيم (الدولة الإسلامية) من الشرق. مع ذلك، في الوقت الحاضر هذه القوات امتنعت عن التقدم نحو مناطق تسكنها أغلبية درزية.

وخلُص الضابط كوبرفاسر إلى القول: علينا أنْ نكون متواضعين كفاية من قول أننا نعرف كيف ستتطور الأمور، وأضاف أنّ الأمور معقدة، ولكن هذه هي الحياة، على حدّ تعبيره.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*