بيان تاسيسي صادر عن: "ميثاق المعروفيين الاحرار"

الأهل المعروفيين …

ربما تأخرنا في إصدار هذا البيان التأسيسي خصوصاً وان “الميثاق” عندما انطلق مع إطلالة عام 2001، خاض الكثير من المهمات الكبيرة والهامة بعيدة التأثير والمدى على الأهل المعروفيين، جعلته يبذل جلّ مجهوده بالأعمال وليس فقط بالأقوال. ولعل ما استطاع أن ينجزه “الميثاق” منذ ولادته على يد رواد في العمل على مصلحة الأهل من منظورهم الوطني القومي لهذه المصلحة، ابتداء من اللقاء التاريخي مع قادة الحزب التقدمي الاشتراكي-اللبناني أيار/2001 عمان الأردن، ومروراً بلقاء التواصل القومي آب/2001،عمان الأردن .  والعمل الميداني المتواصل هنا في الداخل، هذه الانجازات عرفت الناس “بالميثاق” وقبل أن يصدر بيانه التأسيسي ومع هذا لا بدّ من هذا البيان.

السؤال الكبير: أين تقع المصلحة  العليا للعرب الدروز في بلادنا، والكلام ليس عن مصلحة حياتية فقط إنما مصلحة وجودية: أن نكون أو لا نكون ؟!

“الميثاق” يرى:

أن الحفاظ على جذورنا الحضارية عروبياً وتثبيتها وترسيخها هو المصلحة العليا الوجودية التاريخية للعرب الدروز عامة وفي بلادنا خاصة ف-“عروبتنا ضمانة بقائنا”. وهذا هو تراثنا الحقيقي الذي جذره رجالاتنا بالدم والقلم عبر شكيب أرسلان وسلطان الأطرش وكمال جنبلاط ، والخيار هو بين أن يكون هؤلاء منارات طريقنا وأعلامنا سائرين على طريقهم ورافعين فكرهم، أو ان نسير في ركب المقدّمين إيانا قرابين لأسيادهم على مذابح مصالحهم الذاتية.

العقبات في طريق الحفاظ على جذورنا الحضارية قومياً، وتثبيتها وترسيخ هذه الجذور كثيرة:

1. انتقاص المواطنة:

دولة إسرائيل تعرف نفسها بدولة الشعب اليهودي ليس دولة كل مواطنيها، يعني كل من يسكنها غير اليهود ليس لهم فيها ناقة ولا جمل اللهم إلاّ أن يعيشوا وفي المستوى الذي تقرره السلطة، حتى وإن خدموا في الجيش.

المواطنة تعني أيضاً ضمان الحقوق المدنية، الأرض والمسكن والعمل والتعليم ووو… فهل حقوقنا هذه مضمونة لنا ؟ أين أراضينا ؟ أين تصنيع قرانا ؟ كم مواطن يقدم سنوياً إلى محاكمات البناء وكم يدفع غرامات؟ في أي مرتبة يجيء طلابنا في مستوى التحصيل العلمي؟ أين بيت جن وحرفيش والبقيعة من معلوت ؟! والداليه وعسفيا من يوكنعام ؟

في هذا السياق نريد أن نرد ومسبقاً على المدعين ربط الحقوق بالواجبات، حقوق المواطن من الدولة التي يعيش فيها مطلقة أما واجباته فنسبية وإذا لم تقل ذلك فالمتدين يهودياً أو درزياً لا يستأهل الحقوق لأنه لا يعطي كامل “الواجبات” وهكذا القاصر والعاجز والمعوّق. ومن الناحية العملية الحياتية اليومية، هل يستطيع أي كان أن يدّعي أن فرض الخدمة على الدروز في الجيش جاء لهم بالحقوق ؟!

2. التجنيد الإجباري:

سنة 1949 سنّ الكنيست الإسرائيلي قانون الخدمة العسكرية الإلزامية  وعدله سنة 1951،  وهذا  القانون يسري مفعوله على كل من اعتبر مواطناً في إسرائيل، ولكنه خول الحكومة صلاحية استثناء مجموعات وأفراد من الخدمة من منطلقات جماعية أو فردية. فاستثنت الحكومة كل العرب وبضمنهم العرب الدروز حتى سنة 1956، حيث أبطل هذا الاستثناء.

“الميثاق” يرى أن التجنيد الإجباري هو مسّ في حقوقنا القومية والإنسانية المتعارف عليها في كل الدول المتحضرة في العالم. فأبناء الأقليات القومية في الدول الديموقراطيّة الحقّة معفيّون من الخدمة الإلزامية. فكم بالحري إذا كانت “دولهم” في حالة حرب مع أبناء شعبهم وأمتهم ؟!

من هذا المنطلق، منطلق حق الإنسان القومي والإنساني نتعامل مع قضية عدم استثناء العرب الدروز من الخدمة الإلزامية.

 

 

3. المناهج الدراسية:

المناهج الدراسية المفروضة على أبنائنا، مناهج تجهيلية تاريخيا تراثيا، وتعليمياً. كل أهدافها صقل عقول أجيالنا وتحضيرها لتكون “انكشارية” المؤسسة الإسرائيلية. مستويات التحصيل وتدريج الدروز المتأخر بين فئات وشرائح المجتمع الإسرائيلي هي الدليل، ولا حاجة لإثبات أكبر من هذا، فأطفالنا ليسوا أقل ذكاء من غيرهم فلماذا هم في أدنى سلم التحصيل العلمي؟ لأن:

  أ. لا أمجاد تاريخية وراءهم حسب هذه المناهج يصبون ليكونوا لها استمراراً، فإذا كان ابن سيناء وابن رشد وحيان ابن جابر وابن خلدون والفارابي والفرزدق والمتنبي وأبو العلاء ليسوا منّا ولسنا منهم، ليسوا لنا ولسنا لهم، فأي أمجاد حضارية ثقافية لنا نريد أن نديمها؟
  ب. إذا كان مستقبل أجيالنا: الجيش، وحرس الحدود وشرطة السجون فأي تحصيل ثقافي حضاري هم بحاجة إليه ؟!

الأهل المعروفيين ..

قيل: إذا أردت أن تقضي على مجموعة بشرية وتذيبها فاقطع جذورها الحضارية التاريخية، وإذا أردت من ثم أن تستعبدها فاجعل لقمة عيشها رهناً بين يديك. أليس هذا هو الحاصل لنا ؟!

على ضوء ذلك “ميثاق المعروفيين الاحرار” يسعى ومن منظوره لمصلحتنا الحياتية والوجودية التاريخية، إلى إزالة كل هذه العقبات من طريق الحفاظ على وتثبيت وترسيخ جذورنا الحضارية عروبياً. وطريقه إلى ذلك:

أولا: العمل الحصول على تحصيل حق استثناء العرب الدروز من الخدمة الإلزامية الإجبارية كحق قومي وإنساني تحترمه كل المواثيق الدولية، والنضال في سبيل ذلك بكل السبل المتاحة مهما كلّف الثمن.
ثانيا: طرح ثقافة بديلة أمام أجيالنا للثقافة المنهجية المفروضة من قبل السلطة لنشر العدمية القومية ومحو ذاكرة أجيالنا القومية. طرح ثقافة بديلة تجذّر الانتماء العروبي لما في ذلك من مصلحة تاريخية لنا.

والسبيل إلى ذلك:

1. كسر جدار العزلة المفروض علينا منذ 55 سنة لابقائنا في “حظيرة” السلطة، تستعملنا لأهدافها وفي الكثير من الأحيان “كعلاّقة لأوساخها” تجاه شعبنا العربي الفلسطيني في مناطق ال-48 ومناطق ال-67. وذلك بفتح سبل التواصل مع أهلنا وأمتنا، امتدادنا وعمقنا حضارياً، مذهبياً وقومياً، واختراق وسائل الإعلام العربية وخصوصاً الفضائيات العربية لطرح صورتنا الحقيقية. في هذا قطع “الميثاق” شوطاً كبيرا.
2. طرح قضيتنا من وجهتها الإنسانية على مؤسسات حقوق الإنسان عالمياً، وفي هذا أيضاً هنالك مبادرات في أول الطريق، لدعم المطالبين باستثنائهم من الخدمة الإلزامية الرافضين لها، والحفاظ على حقوقهم المدنية في التعليم والعيش كمواطنين بغض النظر عن موقفهم.
3. إقامة جمعيات أهلية، وسعى “الميثاق” لإقامة جمعية “الجذور” لتعمل على تثبيت وترسيخ جذورنا الحضارية بدعم  رافعي اللواء والتوجيه نحوه.
4. توثيق العمل مع القوى المؤيدة لحقوقنا على الساحة العربية الداخلية وبالذات القوى الوطنية، والوطنية القومية وعلى أسس جديدة بعيدة كل البعد عن الاحتواء، مستفيدين من دروسنا الماضية في نطاق نشاطنا  في “لجنة المبادرة الدرزية” ومنذ تأسيسها.

وأخيراً أيها الأهل المعروفيين …

منذ سنوات التسعين الأولى من القرن الماضي شهد العالم والمنطقة تغيرات مفصلية تاريخياً، خصوصاً في العلاقة بين دولة إسرائيل والعالم العربي وبالذات شعبنا الفلسطيني رغم ما تمر به هذه العلاقة اليوم. فالذي كان قبل هذا التاريخ شيء والحاصل بعده شيء آخر، فأين نحن من كل ذلك ؟! وهل نتوقع مصيراً أحسن من جيش سعد حداد وأنطوان لحد ؟! وهل سنبقى مثل المصيفين في الغور ؟!

قبل فوات الأوان دعونا نثبت ونرسّخ الطريق الذي خطّه لنا  بالدم والقلم رجالاتنا الكبار انتماء عروبيا، ففي هذا الحفاظ على حقوقنا الحياتية الكريمة كمواطنين في بلادنا ، وجذورنا الوجودية التاريخية كأبناء للشعب الفلسطيني وللأمة العربية.

 

ميثاق المعروفيين الأحرار

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*