جولات في حديقة من كتب – الجولة الثانية
أتوقف في الجولة الثانية مع مجموعة أخرى من الكتب التي أهداني إياها أصحابها مشكورين.
“أيام الغبار” للكاتب سعيد نفاع، وهي ثنائية روائية كما أسماها، الأولى بعنوان “وطني يكشف عريي” (روانصية) كان قد أصدرها عام 2016 وهذه هي الطبعة الثانية التي ضم إليها الجزء الثاني بعنوان “وطني يكسو عريي” كتبها عام 2018، وهي من حيث الحجم أكبر مرتين من الأولى.
تتحدث الرواية عن قصة حب “ممنوع” بين طبيب يدعى رشاد من أبناء الطائفة المعروفية وممرضة مسيحية تدعى جوليا، يعملان معا في المستشفى، تتعمق علاقتهما وتتحول الى علاقة حب وغرام، يتساكنان في شقة رشاد التي استأجرها في حيفا بعيدا عن قريته، بحجة العمل وبعد المسافة عن قريته النائية في الشمال، ويفتحان عيادة خاصة معا إضافة الى عملهما في المستشفى، وهكذا يعيشان معا 24 ساعة في اليوم تقريبا.
للعاشقين صديق مشترك يدعى أنس، وهو كاتب معروف ويعمل محررا في صحيفة حيفاوية، وقد كشف لصديقه رشاد مدى تهوره وذلك في رسائل نصية، مما يتوافق مع تعريف الكاتب للرواية أن الوطن يكشف عريه، لأن الرواية الثانية والمكملة والتي أسماها “وطني يكسو عريي”. يترك الدكتور رشاد البلاد في محاولة منه للابتعاد عن حبه وإعادة التفكير في مصيره، ولم يطلع أحد على قراره سوى ابنه البكر. وفي هذه الفترة تكثر لقاءات أنس وجوليا بحثا عن راشد، وقد أثقل عليهما السؤال أين اختفى راشد؟ حاولا معرفة الجواب بحثا واستفسارا لكن لم ينجحا في التوصل الى إجابة شافية. يحاول أنس التقرب من جوليا واكتشف أنه يحبها وفي أحد اللقاءات يتشجع ويعرض عليها الزواج، إلا أن جوليا لا تعطيه جوابا قاطعا. بعد فترة يعود راشد وتنتهي الرواية بوفاته.
أحدث القصة لا تقتصر على الجانب العاطفي، انما تمر فيها وترافقها كل الأحداث السياسية التي مرت على شعبنا قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والصراعات السياسية المختلفة سواء على الساحة الفلسطينية العامة أو الداخلية، ويكتشف أحدهم أن الهم العام ليس أهم من الهم الشخصي كما كان يتصور. وينهي الكاتب روايته بعبارة على لسان أنس تلخص ما مر في الرواية من أحداث وشعور الندم لدى أنس “العري والوطن لا يلتقيان يا حبيبي يا راشد.. ولم تكن عاريا أصلا فغطاء الوطن لم يرفع عنك يوما.. يا وطني يا راشد”. (ص 362).