عبد القادر العرباسي يستحق هذه الأمسية.

 

أمسية أدبيّة كفر قرع 27.01.2018

كلمة اتحاد الأدباء

الأخوات والأخوة

تاجُ كلّ قصيدة بيتٌ هو بيتُ القصيد، وتاجُ كلّ ديوانٍ قصيدةٌ هي “بيتُ الديوان”، وأعتقد أن قصيدةَ “قبيل الصبح” في ديوان شاعرِنا هي بيتُ الديوان. كنّا قد قرّرنا في الاتحاد القطري للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل، أن نقيم هذه الأمسيةَ مع عبدِ القادر عضوِ الاتحاد وعضوِ أمانته العامّة، دونَ علاقةٍ لصدور ديوانِه “يؤرقني قمر”، سأترك طبعا سبرَ أغوار ذاك القمرِ الذي يؤرّق عبدَ القادر للمتداخلين.

ولكن، لا بدّ من الإشارة إلى أن عبدَ القادر في قصيدته هذه، أصاب وفي اللبِّ أحدَ الأهداف من وراء تنظيم الحركة الثقافيّة. فحركةٌ ثقافيّة غيرُ منظّمة هي أسماكٌ في بحر يأكلُ كبيرُها صغيرَها، ودون أن يكون الكُبرُ والصّغرُ معاييرَ أو مقاييسَ لحُسنٍ أو لقبحٍ. وإن كان ما يجري في أعماق البحار هو سُنّةُ حياة، فما يجري في برّ الحركة الأدبيّة، وكجزء من الحراك الاجتماعيّ، هو أبعدُ من أن يكون عن سنّةَ حياة، هو “الشاطر بشطارته” وبالمعنى السلبيّ للمقولة هذه.

شاعرُنا يقول:

أسير قبيلَ الصبحِ

وقمر في الأعالي ينير طريقي،

هكذا مع كلّ فجرٍ، وحيدا مع الإِبكارِ.

وعتمُ الليل رفيقي

أكثرُ من سؤال في البالِ،

عن الحفلاتِ والندواتِ،

واستباحةِ المنصّاتِ، وعن الشروطِ والمواصفاتِ

قريني الذي يسكنُ

في عمق يقيني

كالعادة بالجوابِ يوفيني، قال:

يسهلُ دربُك ويعلو صوتُك،

إن كنت صاحبَ مركزْ

وبشهادةٍ عليا معزّزْ،

وجب عليك أن تكون مميّزا

وأن يكون اسمُك في سجلّ النفاق مطرّزا.

مثلُك لن يحفلَ به أحدْ،

حتّى لو كنت أجودْ،

وهتفتَ باسمِ “معبدْ”

وبلغ بيانُك محافلَ “المربدْ”

هكذا اليومَ هو المشهدْ،

ويتابع شاعرنا: …..

وقال لي: مسكُ الختامْ

خيرُ مقامْ

أن تكون مع العوامْ،

ويضيف: …..

تابعت المسيرْ

مرتاحَ البال نقيّ الضميرْ

وسأظلّ على عهدي وفيّا للكادحين العاملينْ

ولنصرةِ قضاياهم…

سفير.

عبدُ القادر يضعُ إصبعَه على أحدِ الجراحِ العميقةِ في حركتنا الثقافيّة، هذه الحركةِ التي يواجه شعبُها تحديّات وجوديّة والتي يجبُ أن تكون رأسَ حربة في وجه هذه التحديّات. حركةٌ كهذه وحراكُها يجب أن تتنظّمَ ويجب ألاّ يُتركَ أيُّ محاربٍ في صفوفها في الظلّ، وفقط لأنه أعزلٌ من “شطارة” أو “حظوة” أو “شهادة” أو “ظهير”.

اتحادنا، الاتحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين- الكرمل، ومنذ انطلاقتِه وفي صلبِ انطلاقتِه، أخذ على نفسِه أن يكونَ البيتَ الدافىءَ لأدبائنا، في تعريف أجيالِنا الناشئة على الأدباء حملةِ لواء لغتِهم عنوانِ وجودِنا، فشعبٌ لا يحافظ على لغته ويحترمها حظّه في الوجود ضئيلٌ، ويتمّ ذلك من خلال أيام اللغة العربيّة في المدارس.

اتحادنا أخذ على عاتقه إصدارَ مجلّة أدبيّة هي “شذى الكرمل” لتكون منصّةً لأدبائنا وعينيّا هؤلاء الذين تحيّدهم المنابرُ القائمة’، وفقط لأنهم عزّلُ من كلّ ما ذُكر أعلاه.

اتحادنا يقيم الأمسياتِ كهذه حتّى لا تبقى المنصّاتُ كما أشار لها عبدُ القادر في قصيدته الآنفة الذكر.

يكفي أن نلقيَ نظرةً، وليس بالضرورة أن تكون عميقةً، على حقلنا الأدبيّ لنعرف من هم الذين خارج تنظيم الحركة الثقافيّة، فإمّا أولئك الذين يعتبرون أنفسَهم فوق التنظيم، أو أولئك الذين بعدُ لم يذوّتوا معنى التنظيم، أو أولئك الذين يعتقدون خاطئين أن التنظيمَ ينال منهم، أو أولئك الذين يحسبون أن خيارَ “مع سيدي بخير ومع ستّي بخير” خيارٌ.

الأخوات والأخوة

على ضوء كلّ ما جاء أعلاه، نرى أن لا بديل َ عن تنظيم حركتنا الثقافيّة فالتنظيم شكلٌ من أشكال الرّقي، وندعو كلَّ حملةِ القلمِ أن ينضوا تحت لواء الاتحاد وسيجدون فيه بيتا دافئا يتّسع للكلّ. التحدّياتُ التي نواجه كشعبٍ على شكلِ وجودنا يحتّم أن تتصدرَ ثقافتُنا وفرسانُها الصفوفَ كمهمّة تاريخيّة، والتصدّرُ بحاجة لآلياتٍ والتظيمُ في طليعتها.

ولعبد القادر… ألفُ تحيّة.

سعيد نفّاع

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*