الأهلّة حول اتحاد الكتاب ليست تعبيرا عن موقف لا سلبا ولا إيجابا.
تقدمة لا بدّ منها:
صدفة وفي لقاء عرضيّ مع أحد الكتاب الشعراء أعلمني أن هنالك لقاء كتاب في شفاعمرو في ال29 من نيسان وعلى جدول أعماله بحث عقد مؤتمر عام. ولاحقا قرأت دعوة على “الفيس بوك” من الكاتب سلمان ناطور جاء فيها هكذا: “دعوة لحضور الاجتماع العام للكتاب تحضيرا للمؤتمر الأول العام لاتحاد الكتاب الذي سيعقد لاحقا”، لم أفهم لا من اللقاء ولا من الدعوة من هو المبادر، ومع هذا قررت أن أشارك.
مقدمتي هذه هي من باب ايصال رسالة إلى كثيرين تمّ الحديث معهم قبل اللقاء وبعده وكانوا مشبعين بالاحتجاج، والأسباب تتراوح جوهريّا، حول الموقف من الاتحاد القائم، وتقنيّا حول شكل الدعوة وانتقائيتها والتجاهل المتعمد وحول القيّمين على اللقاء وبين…، لدرجة راح البعض يتهم “الجليليين” بتجاهل “المثلثيين” مهددا بإقامة اتحاد “مثلثيّ- نقبويّ”. (أستطيع هنا أن أذكر هؤلاء بالاسم ولكن لا أرى أن هذا مهم ولكني أشير لذلك كي لا يذهب البعض وكأن ما قلت من “عندياتي”).
شعبنا وأمتنا وبالذات أقليتنا العربية الفلسطينيّة في البلاد “فيهم ما يكفيهم” من مصائب الدنيا التي حباهم بها الله دون خلقه أجمعين تعويضا لهم في الآخرة على ما يبدو، واستغفره استغفارا عظيما!. لنترك بقية شعبنا وأمتنا وهمومهما في هذه العجالة، ونحكي عن موضوعنا وقدر الإمكان بال- “مْشَبْرَح”.
أولا: تبيّن أن صاحب الدعوة للقاء شفاعمرو هو اتحاد الكتاب وإن وُجهت كذلك على يد آخرين.
ثانيا: حضر اللقاء قرابة ال- 40 رُبعهم على الأقل ليسوا أعضاء في الاتحاد القائم وأنا منهم، حيث كانت الدعوة مفتوحة. أُفادتنا إدارة الاتحاد أن عدد الأعضاء المسجلين هو 154 عضوا، مما يعني أن %80 من المسجلين لم يشاركوا في اللقاء. طبعا طُرحت بعض الأعذار تبريرا تمحورت حول انشغالٍ هنا وهنالك وبالذات فعاليات يوم الأرض!
ثالثا: نُشر لاحقا خبر عن اللقاء قرأته في صحيفة الاتحاد (لا ألوم الاتحاد) ، أثار شكله وفحواه حفيظة الكثيرين ممن شاركوا وممن لم يشاركوا وقرأوا الخبر، إذ لم يعكس بشكل وافٍ أهم القرارات التي اتخذت في اللقاء، سأجيء عليها لاحقا.
بغض النظر عن كلّ هذا:
قدّمت إدارة الاتحاد بيانا مقتضبا عن عملها ولوحظ أنها واعية للانتقادات الموجهة، فجاء البيان بجزئه لائحة دفاع مدعمّة بأعمال ذكرها البيان، ولوحظ أيضا أنها لم تتهرّب من الإشارة إلى أخطائها وهذا بحدّ ذاته جيّد، أن يُغفر لها أو لا فهذا شأن آخر، وطرحت الإدارة كذلك مسودة دستور. وتداخل ما لا يقل عن عشرة (10) مشاركين تراوحت مداخلاتهم بين النقد الحاد والاقتراحات العينيّة. ولكن المهم والذي تجب الإشارة له بالبنان أن الكل شدّد وأكّد أننا لن نعود إلى فترة الفئويّة العصبويّة ونحن بحاجة لاتحاد وطنيّ واحد شامل منفتح بغض النظر عن الانتماءات الأخرى مهما كانت.
في هذا السياق، إذا كان ما قيل هو ليس “من الشّفة ولبرّة” والنوايا فعلا تتطابق والأقوال، فهذا بداية جيّدة كفيلة بأن تطلقنا إلى اتحاد على مستوى التحديّات التي نواجه، أما إذا كان ما قيل هو من باب أننا على أبواب مؤتمر، هو الأول، ونحن بحاجة للكلام الجميل ففي هذا “تجمّل” والتجمّل هو كذب (أذكر أني قرأت في شبابي كتابا لا أذكر اسمه للكاتب محمد عبد الحليم عبدالله يقول البطل في نهايته إن لم تخني الذاكرة، وبتصرّف: “لم أكن أكذب كنت أتجمّل”، وقلت هذا الكلام في اللقاء) .
الأمر الإيجابي الآخر، وهذا ما أغفله الخبر، هو أن اللقاء خرج بقرارين هامين اقترحهما متداخلون في النقاش وتمّ تبينهما بالإجماع وبراحة وقناعة ظاهرتين:
الأول: أن يُعقد المؤتمر خلال مدة لا تتعدي الشهرين بأي حال، يُدعى إليه الكل وبدعوات شخصيّة مكتوبة، يتّم فيه تناول كل الأمور بشفافيّة، وناصيته تكون مأسسة الاتحاد وبآلية ديموقراطيّة.
الثاني: انتداب لجنة تحضيريّة تحضّر جدول أعمال المؤتمر وتدأب على تحضير مسودة الدستور المقترح يُطرح على المؤتمرين للملاحظات والٌإقرار. على أن تكون اللجنة مفتوحة لانضمام آخرين ممن لم يشاركوا في اللقاء لأي سبب من الأسباب أعضاء في الاتحاد القائم كانوا أو لم يكنوا وتعّذرت مشاركتهم.
خلاصة القول:
ليس سرّا أن لدى قطاعات واسعة من أبناء شعبنا هنا في الداخل خيبة أمل كبيرة من النخبة السياسيّة وليس بالضرورة لتوك في الساسة، وأقول ذلك كسياسيّ كذلك. في ايدينا نحن مَن نعتبر أنفسنا مساهمين بأقلامنا في ثقافة أبناء شعبنا أن لا تكون حالنا كحال القيادات السياسية، لا بل الويل لنا وعلى ضوء ما ندّعي إن لم نرق بأنفسنا لنطرح أمام أبناء شعبنا، في هذا الزمن الرديء، بيتا أدبيّا شاملا بعيدا عن العصبويّة الفئوية يميّزه الانفتاح على الكل، ولا ضير البتّة إن كان امتدادا للاتحادات السابقة (الاتحاد والرابطة) والاتحاد القائم، لا بل الأفضل أن يكون، رضي البعض عنها بشكل بنائها وبشخوصها وبأدائها أو لم يرضَ، ولكن تظلّ الحقيقة أنها فعلت ما استطاعت إلى ذلك سبيلا في ظروف موضوعيّة لم تكن سهلة البتّة .
طبيعي أن تكون هنالك اجتهادات مختلفة، وطبيعي أن تكون هنالك مواقف شخصيّة تجاه هذا أو ذاك، وطبيعي أن يكون البعض منّا غير راض عن الاتحاد القائم شكلا وجوهرا وطبيعي…، ولكن الطبيعي لمن اتخذوا من الثقافة رسالة أن تتضافر جهودهم ليبنوا بيتا ثقافيا وطنيّا يجد الكل فيه مأوى يحمينا ويحمي ثقافتنا من قرّ شتائنا “الليس كالشتاءات” وحرّ صيفنا “الليس كالأصياف” لا محليّا ولا إقليميّا، وإن فشلنا أو سمحنا أن نُفشل فلنرم أقلامنا.
نحن قادرون إن أردنا والفرصة مواتية.
ملاحظة: “الكتاب” لا يشمل كل أقانيم الثقافة… فما رأيكم ب-“اتحاد الأدباء” أو “اتحاد المبدعين” ؟!