يروى أن امرأ القيس عندما أراد أن يردّ جميلا للإمبراطور البيزنطي على دعمه إياه في الأخذ بثأر أبيه، وما عنده ما يردّ، قال له: “وما يجزيك منّي غير شكري إياك”.
بدل المقدّمة… كلام علّه يكسو بعض عُرْيِي !
القاريء العزيز..! من عاصري الأقلام كنتَ أو من متناولي عصارتها، أنت فعلا هاجسي، كما قال أحد من الأصدقاء الذي راجع بعض نتاجي الأدبيّ، ولأنك هاجسي الذي أحبّه أحيانا وأكرهه أخرى، فحين أحبّه يقطر قلمي حلاوة وحين أكرهه يقطر علقما ودون استئذان منّي، فهو لا يبالي بالقوالب وإن أتى بها الأوائل وإن اجترّها الأواخر، ينساب هكذا على هواه مقدّرا الأوائل محترما الأواخر، إلا أنه يرفض القيود.
هذه ناصية مقدمتي للرواية… أمّا بعد…
حالت حقيقة وجودي في الأسر وهموم ما بعد الأسر دون أن أوجه، حتى اليوم، ل-“دار الأماني للنشر والتوزيع م.ض.-عرعرة” لصاحبها الكاتب مفيد صيداوي، ما تستحق من شكر وتقدير على لفتتها الوطنيّة، إذ تبنت وطبعت ووزعت وما زالت وعلى نفقتها الخاصة روايتي “وطنيّ يكشف عُرْيِي”. فكثيرون رأوا الرواية وربّما قرأوها قبل أن تقتحم جدران وأسلاك السجن عليّ لأراها، فتنير عليّ ظلمات الزنازين، وتمنحني الفرح النابع من أن في الدنيا ما زال الكثير من الخير والخيّرين.
وكان الكاتب مفيد كتب في المقدمة: “أتعبتني هذه المقدّمة وهذا التقديم كثيرا.. فكلما أقدمت على الكتابة.. تراجعت.. وعندما كتبت مزقت ما كتبته، ذلك لأن مثل هذا التقديم ليس تقديما عاديّا، ولكن الظرف الذي أكتب فيه وأحاول تقديم كتابه لقرائه ليس عاديّا بالمرّة. فصديقي ورفيقي الذي أكل من زادي وأكلت من زاده ليس معنا الآن، وربما لن يرى الكتاب إلا في وقت لاحق، لأنه يقبع في السجن…”
لستَ يا مفيد الإمبراطور ولست امرأ القيس، ولكن وجدت في قوله أبلغ ما يمكن أن أقول لك ف- “ما يجزيك منّي غير شكري إياك”.
صباح السبت ال- 26 من تشرين الثاني 2016.