أضواء استعراضيّة- مَسعَد خلد
مُلخّص
ظلّ (الدّوري المنكوب) في ثُمانيّة الكاتب سعيد نفّاع الأولى، والتي صدرت في كانون الثاني 2001، ينطر الدار والبرتقال والزّيتون، رغم غياب الأهل، وظلّ يفرّخ بين أطلالها جيلا بعد جيل. وطلّ أيلول 2006 ومعه ثُمانيّة ثانية (الحايل) مكتوبة بعفويّة وصدق وأصالة، لتمدّ حبل الوصل بين الدّوري وحسن المحمّد، الذي رحل عن الدّنيا دون أن يغيّر وصيّته، رغم غياب بكرُه محمّد وابنته محمودة، لأنه نطرهم (مثل غيره من الناطرين)، ورغم قعقعة العواصف!
…..
يسرح القارىء عبر هذه المجموعة وما وراء سطورها في صورة الوطن ومناظره ومشاهده وتاريخه؛ يشجّع عقاب المسعود، الذي اعترض على كلام الجّردلي خبير “جَرْد” العنب، المتواطىء، ومتحدّيا سلطة المختار وسليطي اللسان. ويسرح يراقب العبد جرّاح راعي الدّاشورة، يناقش حسن المحمّد، يسمع فندي عن اكتشافه ويخالط الحابل مع النابل برفقة محمّد العليّ.
إنّ الأرض هي المحور الأساسي الذي ترتكز عليه قصص المجموعة، ويحاور الكاتب كلّ الذين فرّطوا بأراضيهم وهجروها (تركوا الأرض للعُلّيق والبلّان وفرّطوا بالماشية ص12)، ويذكر مواقع الأرض المصادرة في خلّة علّيق، الزعرورة، الزّابود وغيرها، ويذكّرنا بالطرق الملتوية والحجج الواهية التي اتبعت من أجل ذلك (إن طلعت بلّانة في الأرض تصير أحراش ص16)، ويبرز مدى تعلّقه بها عندما يصفها على لسان عقاب المسعود، بالحائل >العنزة التي لا تعشّر أي لا تحمل (الأرض حائل أصيلة ولن تحتاج لأكثر من عين واحدة لتحبل ص63) ….
إذا كان الأديب سعيد نفّاع قد نجح في “نكبة الدّوري” قد نجح في “نكبة الدّوري” بإنعاش ذاكرتنا بأحداث لا تُنسى، وبمساعدة شخصيّات عاديّة، فإنّه عرف في “الحائل” أن يجذّر في الوجدان قيم وطنيّة أخلاقيّة، خاصة وإن الأدب – حسب جان لوك – هو أول الفضائل الاجتماعيّة، وأكثرها تأثيرا. إن الكاتب على موعد دائم مع قضيّة شعبه، يكتب عنها على لسان أبطال قصصه، بأصالة وعمق، وقد نجح – حسب رأيي المتواضع – أن يبتعد في هذه المجموعة، عن الخطابيّة والمباشرة، أكثر من مجموعته السّابقة، ويبدو أنه أخذ برأي بعض النُقّاد، فنقّح بعض النّصوص ( وطعّمها) بنصوص جديدة، يميل بعضها إلى الحداثة، ربّما ليكتفي شرّ الحداثيّين كما كتب في مقدّمة المجموعة ص7 أو لأنه يؤمن بأن في النقد البنّاء، يمكن إتقان البناء، وأوافق مقولته بأن النّص يؤدي رسالته إن هزّ شيئا في القارىء فرحا أو حزنا أو ألما، ولا يهم ما تسمّيه! …..