وقفات على المفارق مع الخيام

آب 2011

الوقفة 1 : خيمة الاحتجاج في حرفيش أخطر منها في شينكن!

الحركة الاحتجاجيّة التي انطلقت في الدولة كشفت عمق الغربة القائمة بين اليهود والعرب في هذه البلاد، وليس غريبا أن تعلو مع بدء الاحتجاجات الأصوات المتسائلة عن الوجود والدور العربي فيها. العرب في البلاد يشكلّون فقط %8 من الاقتصاد الإسرائيلي ولذلك ولأسباب أخرى عنصريّة لم يُعيّن ولا عضو عربي في اللجنة التي شكّلها نتانياهو لدراسة الأزمة، ومع هذا بدأ بعض التحاق عربيّ فأقيمت خيم اعتصام في بعض القرى العربيّة وشارك العرب في التظاهرات ونتمنى أن يشمل طاقم المحتجين القيادي على الأقل عربيّا.

عودة إلى الخيمات… تفاجئنا أن كانت خيمة حرفيش العربيّة الدرزيّة أحمى هذه الخيمات، هذه البلد المعروفة تاريخيّا بولائها للسلطة لم يشفع لها ذلك وقرابة ال-400 بيت فيها دون ترخيص وليس هذا بلاؤها الوحيد فالأرض المقامة عليها معلنة محميّة طبيعيّة.

عاملو المتنزهات الوطنيّة وسلطة حماية الطبيعة المخوّلين قانونا بصلاحيّات شبه بوليسيّة وجدوا الفرصة مواتية للهجوم على أصحاب الدور محاولين وقف البناء واعتقال البنائين وأصحابها، وما كانوا ليفعلوا ذلك دون الضوء الأخضر من السلطة المركزيّة و”هشاشة القيادات الدرزيّة”، فأن يتحرّك أهالي حرفيش بالذات مسألة تجب لملمتها قبل انفضاح الطابق ولو بالتخويف، ولكن ردّة فعل الأهالي المشرّفة وحرقهم لسيّارات الاعتداء وإقفال الشارع الرئيسي، لها ما بعدها خصوصا وأنّ ما يحصل يعيد للذاكرة أيام الزابود 1987 في بيت جن!

الوقفة 2 : بشّار الأسد وراء خِيم الحركة الاحتجاجيّة في إسرائيل !

كتلة “التجمع الوطني الديموقراطي” في الكنيست التي ما زلت عضوا فيها حرمتني بأكثريّة أعضائها أن أشارك في النقاش على حجب الثقة عن الحكومة خوفا من أن “أشوّه” مواقفهم السياسيّة التي لم أعد أمثلها حسب ادعائهم أمام رئيس الكنيست. تضايقت حينها قليلا من هذا الحرمان حتى سمعت بالأمس نقاش رئيس الكتلة فوجدتني أردد “لا تكرهوا أمرا لعله خيرا لكم”!.

فقد ناقشت الكنيست في أسبوعها الأخير عشيّة العطلة الصيفيّة، اقتراحات حجب ثقة عن الحكومة، موضوعها ” فشل حكومة نتانياهو اجتماعيّا” كل ذلك على خلفيّة الاحتجاجات “الخيميّة” التي تجتاح الدولة. وقد ناقش عن كتلة التجمّع رئيسها النائب جمال زحالقة الذي رأيت أن أنقل لكم كلمته ترجمة حرفيّة، متسائلا “شو طال ذيله إلى عينه”؟!

قال: “ما يحدث في سوريّة في الأشهر الأخيرة، وبالذات في الأيام الأخيرة هو شيء مرعب. نحن لا نقف هنا في الامتحان، وأنا أوجه كلامي إلى الجمهور اليهودي والعربي، ليس لأعضاء الكنيست الذين يجربون أن يستفزّونا وأن يضعونا في الامتحان الذين هم-كيف يقولون؟ الجملة الأبسط التي يمكن أن نقولها لهم: إنزعوا الخشبة التي في أعينكم. ونحن أثبتنا دائما مواقفنا المناهضة للعنف ضد المظاهرات غير العنيفة (مواقفنا) العابرة للحدود في كل مكان في العالم، ودفاعنا عن الحقوق الإنسانيّة في كل مكان، وبضمن ذلك في سوريّة.

ولذلك، نحن نشجب قتل المتظاهرين غير المسلّحين في سوريّة. نحن ندعم دون تحفّظ مطالب الشعب السوري لديموقراطيّة حقيقيّة، لحقوق إنسانيّة وعدل اجتماعيّ، دون ولكن. دعمنا في هذا الموضوع مطلق.

نحن نشجب العنف وقتل المتظاهرين، نحن ندعم مطالب الشعب السوري. نحن نحذّر من ونعترض على تحويل الثورة السوريّة لثورة عنف. نحن نناشد الشعب السوري أن يستمر في ثورة غير مسلّحة. نحن نعترض على أي تدخل خارجيّ في شؤون سوريّة الداخليّة. هذه أيام صعبة.

ولكن، موقفنا المبدأي- أنا أعتقد أنه من المهم أن يسمعه الجمهور العربيّ والجمهور اليهوديّ. نحن دعمنا طلب سوريّة لإنهاء احتلال الجولان، نحن دعمنا الموقف السوري المعترض على التسلّط الأميركي في المنطقة. نحن أبدا لم نؤيّد سياسة الرئيس بشّار الأسد الداخليّة.

لذلك، أنا أناشد كل أعضاء الكنيست الذين لم أوجه كلامي لهم (!)، أن يتوقفوا عن- كيف يقولون؟ الصنيع المثير للسخرية هذا الذي في كل مرّة يقف عضو كنيست عربي: وماذا مع سوريّة ؟ فأولا، نحن في البرلمان في البلاد. نتحدث عن سكن في إسرائيل ، ليس عن سوريّة (!). ولذلك فالموقف هو كما قلته.”

أيّها القاريء…هل موضوع سوريّة هو الذي كان على جدول الأعمال؟ وحتّى لو كان، فهل منصّة الكنيست الإسرائيلي منبر لهذا الكلام؟ والأهم ما هي الرسالة المبطنّة التي أرادها رئيس كتلة “التجمع الوطني الديموقراطي” من هذا الكلام ولمن وجهها؟!

ربّما أنّ بشار الأسد وراء خِيم الاحتجاجات في إسرائيل !

الوقفة 3: التحقيق مع اللجنة الوطنيّة للتواصل وخيمة الاحتجاج.

بعد النجاح الكبير في أعين المحبّين والمؤلم للكارهين، الذي حققته لجنة التواصل في وفد أيلول 2007 إلى سوريّة، تضافرت جهود من قوميين داخل الحدود وخارجها من شمال “الوطن العربيّ” وجنوبه ومن غرف الظلام في المؤسسة الإسرائليّة وأزلامها البائنين والمخفيين على “تشليخ” لجنة التواصل، تماما كما تتضافر جهود هؤلاء القوميين وأيمن الظواهري وإيهود يعاري والناطق باسم البيت الأبيض والمشايخ والشيوخ والملوك والأمراء على سوريّة، مع الفارق الكبير طبعا بين سوريّة واللجنة.

خرجت “الشلخة” الأولى “اللجنة الوطنيّة للتواصل” إلى لبنان وسوريّة في تموز 2010 برئاسة الشيخ عوني خنيفس فاستقبلتها السلطات الإسرائيليّة بالتفتيش المهين على المعابر  والتحقيق في وحدة الجرائم الدوليّة والتقديم للمحاكمة. وبعدها بأقل من شهرين خرجت “الشلخة” الثانية “لجنة التواصل عرب ال-48” برفقة قيادة “اللواء الدرزي” في التجمّع، إلى سوريّة وعادت ولا تفتيش ولا تحقيق ولا محاكمات.

ما أعاد لنا الذكرى هو جلسة الاستماع التي عقدتها النيابة قبل أيام لوفد اللجنة الوطنيّة قبل بدء المحاكمات، واستدعاء عضوي الرئاسة الشيخ فوزات غانم والشيخ منير ظاهر للتحقيق هذا الأسبوع في (اليحبال) وحدة التحقيق في الجرائم الدوليّة…لأول مرّة نجد أنفسنا نعلن عن تأييدنا لسياسة التمييز هذه ونباركها ولن ننصب خيمة احتجاج!!!

أوائل آب 2011

سعيد نفاع saidnaffaa@hotmail.com

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*