النائب سعيد نفّاع:
من يلتحف الطائفية غطاءً فهو في نهاية الامر عريان، رغم اعتقاده أن عورته مستورة
تشرين الثاني 2007
قابله رفيق بكري- الحقيقة
والتقينا عضو الكنيست المحامي سعيد نفاع (التجمع) ووجهنا اليه السؤال التالي:
*الحقيقة: ماذا يعني لك مصطلح الطائفية، وهل اعتزاز الشخص بطائفته يعني أنه طائفي؟
نفاع: من نافل القول إن الانسان لا يختار المجموعة البشرية التي يولد فيها او لها، امة كانت شعبا او طائفة او عائلة، وهذا الّا- اختيار يضعه في جملة استحقاقات لا سلطة له عليها حتى البلوغ تصير تحت سلطته حين البلوغ، التعامل معها حينها تحدد قيمته سلبا أو إيجابا. الطائفة تكوينيا هي في نهاية الأمر تيار في انتماء أوسع اختلفت اجتهادات فئاته في شتى الأمور الحياتية للبشر لمرتبطة في قوة ما وراء الطبيعة، أن يمارس الفرد استحقاقات هذا الانتماء طبقا لاجتهادات طائفته إن لم يتخلل ذلك مسا في استحقاقات الآخرين رغم اختلافها، وأن يمارس حياته الاجتماعية طبقا لاستحقاقات الاحوال الشخصية للطائفة التي ولد فيها، إذا أراد، فهذا يصب في حرية المعتقد وحرية الرأي ولا ضير في ذلك، وهذه لا تسمى طائفية، ولا حاجة فيها لإبداء الاعتزاز.
الطائفية هي مصطلح سياسي معناه: تفضيل طائفتك على الطوائف الأخرى والتعصب لها فيما تهوى إذا تناقض هواها مع الآخرين بغض النظر عن صحة هذا الهوى وخطأه، وعادة ما يكون هذا الهوى وليد نزعات أفراد نحو مصالحهم فيلبسونها لبوس الطائفة، حماية.
*الحقيقة هل تساهم ظاهرة إقامة كتل وقوائم انتخابية طائفية في الانتخابات البلدية والبرلمانية في تأجيج النعرة الطائفية؟
نفاع: الكتل الطائفية في الحياة السياسية اليوم محليا أو قطريا، هي شكل من أشكال الطائفية الضاربة عميقا في وجداننا العربي بدءً من نتائج حرب صفين والجمل، رجوعا إلى الانتماءات الجاهلية التي جاء الإسلام ليرقى بها لانتماء آخر واحد موحد، ما لبثت الطبيعة البشرية أن أوجدت تناقضات أخرى كان وما زال لها الأثر الكبير على انجازاتنا واخفاقاتنا.
الطائفية ومنذها كانت الباب المشرع للمتربصين شرا بالأُمة داخليا وخارجيا، ودون أن نعود للتاريخ عميقا يكفينا أن نقرأ توصيات الحركة الصهيونية في بدايات غزوها بلادنا، فقد نصّت: يجب رصد التناقضات بين الطوائف الاسلامية والمسيحية والدرزية وتغذيتها وخلقها حيث يحتم الأمر، ومن ثم اختيار الطريقة والسبل لدعم الواحدة ضد الأخرى.
مفروغ منه أن أي ركوب على اختلاف التركيبة الطائفية لأي شعب أو أمة، لا يمكن أن يتم دون أن يكون بين ظهرانيها من هو مستعد أن يحني ظهره لتسهيل الركوب على العدو الخارجي وطائفيته غطاء لامتيازات ربما تغني مؤقتا. واحناء الظهر للغير تماما كما احنائه لركوب المصالح الضيقة وإن لبست لبوسا انتخابيا محليا أو برلمانيا في زمننا ، فإثناهما تأجيج للطائفية ونعراتها ركوبا على الاجتهادات المختلفة التي لم تنوجد أصلا لذلك أنما انوجدت في مسيرة تعددية ثقافية وإن لبست لبوسا ميتافيزيائيا.
*الحقيقة ما هي رؤيتك الشخصية والحزبية في مكافحة الطائفية في مجتمعنا؟
نفاع: إذا انطلقنا من الحقيقة الموضوعية أن الطائفة وكذلك من منطلق تسميتها هي في نهاية الأمر تيار في انتماء أوسع مشترك، فتأكيد الأوسع المشترك هو الضمان للحد من التناقضات الطائفية. ومن العام إلى الخاص، طوائفنا المختلفة تتشارك في انتمائها القومي، تقوية هذا الفضاء المشترك هذا هو الطريق وهي الرؤية. الأممية فضاء أوسع لا شك وليس سرا أني قضيت سنوات من عمري السياسي المساوي لعمري البيالوجي أرى فيها الحلم والحل والمخرج، لكن التاريخ اثبت بتطوراته الموضوعية أن الفضاء القومي هو الأخلد، وهذا طبعا لمعالجة أكبر من مقابلة صحفية، أما الفضاء الآخر المعتمد على علاقة الانسان بالـخالق لا يمكن أن تكون طريقا فلا يستطيعنّ أحد أن يحتكرها والـ الخالق مشترك للكل، لذا أرى أن ترسيخ وتثبيت والحفاظ على الانتماء القومي لطوائفنا دون تعصب ودون شوفينية هو طريق خلاصها من أزمتها، والتجمع الوطني الديموقراطي المستنير بالفكر القومي منارة، الطريق الذي اخترت وانشط به اليوم، هو السبيل.
*الحقيقة: قلّ ما نجد طائفياً يجاهر بطائفيته، فيخفيها وينبري للدفاع عن نفسه عند اتهامه بها.. كيف يمكن معالجة هذه الظاهرة؟
نفاع: هذا هو الاثبات الأقوى على أن من يلتحف الطائفية غطاء فهو في نهاية الامر عريان، رغم اعتقاده أن عورته مستورة، والسبيل إلى ضرب اعتقاده هذا هو محاربته دون هوادة أولا على يد من يشاركه الانتماء البيالوجي طائفيا.
وخلاصة إذا كللت اختلافاتنا الحزبية الفكرية وطنية صادقة وفضاء آخر مشترك، فحتى الخلافات العقائدية فكريا ليس مذهبيا ولا دينيا ولا طائفيا، تبقى في نطاق التعددية الفكرية، وإذا رافقتها قواعد تعامل حضارية ففي ذلك أيضا حد أمام الآفات العديد ومنها الطائفية.