شباط 2007
- “ماحش”:
ابناء عمومتنا على عكسنا يحبون جدا الاختصارات، فعندهم يأخذون الحرف الاول من كلمات الاسم المركب ويحولونها الى كلمة فتدخل قاموسهم هكذا بسهولة نادرة ، لا مجلس لغوي ولا يحزنون ولا “شاطر ومشطور وكامخ بينهما”. وماحش هذه دخلت بيوتنا دون استئذان وقحة صلفة فصار صغيرنا يعرف قبل كبيرنا ، انها الاحرف الاولى للكلمات العبرية المعناها العربي ” قسم التحقيقات مع الشرطة “.
اما المفارقة فهي ان لغتنا الجميلة ، ويا ليتنا نبقيها كذلك ، تأتينا بالأخبار وحتى ان لم نزود . فتاتينا بالمعنى الاتي :
محش محشة وجهه بالسيف : لفحه لفحة قشر بها جلد وجهه.
محش السيل ما مر عليه : اقتلعه .
وأمحش النار الجلد : احرقه .
وامتحش : احترق .
عند ابناء عمومتنا ، وما دمنا في هذا السياق ، مقولة تقول : ” الآتي ليقتلك بكر واقتله ” ، فليسمحوا لنا ان نستعيرها لنقول لهم ولكل العالم ولأنفسنا : ” الآتي ليمحشنا سنمحشه ” كما السيف وكما النهر وكما النار.
- لماذا وممن تعتذر يا ابا أسيل ؟
حطت بي رحالي في افتتاح خيمة الاعتصام وفاء لذكرى شهداء القدس والاقصى، في عرابة . توالى المفتتحون حتى جاء دور ابي الشهيد اسيل فراح يسرد برباطة جاش ترتيبات المسيرة المزمعة مؤكدا ان المسيرة لم تات التفافا على قرارات أحد وراح يفسر ويشرح….
لم اطق صبرا وتوجهت له : لماذا يا ابا اسيل تتكلم بلغة المعتذر ؟، فاذا كان من مدين بالاعتذار، وهم كثر، فكلنا مدينون بالاعتذار للشهداء ولكم . اذا كان الايرلنديون يحيون ذكرى ( 13 ) شهدائهم سنويا بمسيرات من عشرات الآلاف ونحن نبخل على ( 13) شهدائنا بمسيرة تليق ، فممن ولمن الاعتذار ؟
- “المستعربون” :
انا مدين بهذه اللفتة لمنتظرة معي على واحدة من المحطات . فانا الذي ادعي لنفسي معرفة باللغة العربية، رحت احدثها، قتلا للانتظار على المحطات، بعد ان عرفتها انها تعمل مديرة لإحدى المكاتب في اول طريقها ، عن عملية قام بها ” المستعربون ” من الجيش الاسرائيلي ، في احدى المخيمات الفلسطينية . ففهمت هي من كلامي تماما ما انا فعلا كنت اعتقدته : ان ” المستعربين ” من نفس الاشتقاق ” المستشرقين ” .
ففاجأتني بقولها : يا استاذ سلامة فهمك ، “مستعربون” ما هي الا الاحرف الاولى للكلمات العبرية ” مستعير عل عربيم ” :الهاجم على العرب!
لا فض فوها بنت الحلال !
- خمس دقائق :
لا يتأخر واحدنا عن موعد ويسأل على يد المنتظر طبعا هاتفيا : وينك ؟ حتى ينطقها دون عناء ” خمس دقايق انا عندك ” ، وتمر الخمسات تلو الخمسات تلو الخمسات ، وخمس دقائق صاحبنا لا تنتهي .
ومن سخرية الاقدار صرنا نسمي التأخير عن مواعيد الاجتماعات وضياع الدقائق الكثيرة ” نصف ساعة اكاديمية ” ، أما من اين للأكاديمية والتأخير ففقط ربّك والعرب يعرفون ! ولسان حالنا يقول ما دام الاجتماع لن يبدا الّا “أكادميّا !” فما الضير أن أربح ويا له من ربح ، النصف ساعة الأكادميّة . وفي المنافسة هذه على الربح تفقع مرارة المنتظرين ف “يشيلوها ” للاجتماع القادم ليردّوا الصاع صاعين وهكذا تصير اجتماعاتنا كلها أكادمية !
رحم الله الدكتور صادق جلال العظم حيا وميْتا ، ففي كتابه “النقد الذاتي بعد الهزيمة” هزيمة، لا نكسة ، ال-67 . الذي رحنا نقرأه بشغف نحن شبيبة تلك الايام ونحن نفتش عن اسباب تلك المصيبة التي تقصم ظهر الجمل ، فكم بالحري نحن ” اللي اول طلعتنا ” ومن اولها ، لعلنا نجد فيه بعض ” فشة غل او خلق ” ووجدناه يفيدنا : في المواجهة بين الطيارين الظفر لمن يسبق عقله الآخر باعطاء الامر ليده لتضغط على زر الاطلاق ، ومن تعود احترام الوقت ومن هنا استغلاله هو صاحب الحظ الاوفر وله الغلبة . وقس على ذلك !
اما قياداتنا وفي الاجتماعات الشعبية لا تدخل الباحة الا بعد النصف ساعة الأكاديمية ، اليس من الافضل ان تدخلها على الوقت ولعل في ذلك اكبر بكثير من همزة (من مهماز) لعل القرين بالمقارن يقترن !
- كيف صرت قائدا في الحركة الاسلامية ؟
فقط في الانظمة في العالم الثالث يصير الآدمي قائدا وبجرة قلم على مرسوم رئاسي او ملكي ، دون حاجة ان يتدرج في سلم القيادة . الم يمنح الاستاذ عبد الوهاب مثلا رتبة لواء على يد المغفور له انور السادات ؟ وعلى ذمتي يوم لحن بمناسبة السلام النشيد الوطني الجديد “بلادي بلادي ” بدل ” والله زمان يا سلاحي “.
وهكذا لم اشذ انا عن القاعدة فقد منحت درجة القيادة في الحركة الاسلامية وبجرة قلم من محرر فصل المقال الاخ أسعد تلحمي ، دون ان اضطر لعبور أي امتحان ولا حتى في قراءة الفاتحة . الدورة الوحيدة التي أهلتني ان اكون قائدا في الحركة الاسلامية هي اني شاركت في مسيرة الوفاء للشهداء من جت الى الناصرة وبلاني الشيخ رائد ان اسير بينه وبين عزمي في اول المسيرة وطبعا صوّرونا ونشرت صورتنا على الصفحة الاولى من فصل المقال وتحتها : ” النائب عزمي بشارة وقيادة الحركة الاسلامية ”
حضرة الرفيق عوض عبد الفتاح الامين العام للحزب .
اذا كانت صحيفة الحزب توجتني قائدا في الحركة الاسلامية فارجو ان تقبل استقالتي ، لأتفرّغ لمهامّي القيادية الجديدة ، حتى لا تكون الرتبة الجديدة مجرد رتبة فخرية ! وهذا لن تقبله انت لي بصفتك قائدا في الحزب العربي، آسف التجمع الوطني !
سعيد نفاع
شباط 2007