والتلهي بمن المسؤول عن عدم الشراكة أكبرُ خطرا على الناخب من عدمها !
الجبهة مرة أخرى تثبت أنها الأكثر مبدئيّة والأحق بالدعم!
(بيان)
كانون الأول 2012
باغتتنا “أم معاركنا” الانتخابات البرلمانيّة، ولعله أمرا طبيعيّا أن أعبّر عن موقف كوني على الأقل ما زلت عضو كنيست ولعل هذا ما انتظرته منّي بعض وسائل الإعلام، فلم يخلّ ظهور لي فيها دون توجيه مثل هذا السؤال. كنت أعلنت وفي مقابلة مكتوبة في كل العرب وبعد الانتخابات السابقة بمدة قصيرة وعلى ضوء تجربتي في الدورة ال-17 أن الدورة ال-18 ستكون آخر مشواري في الكنيست ولا نية عندي بالترشّح مستقبلا، وعدت على تأكيد هذا الموقف في كل مناسبة بعيد تقديم الانتخابات للكنيست الحالية ال-19.
45 سنة في الحياة السياسيّة الحزبية 30 منها في الحزب الشيوعي وصولا إلى اللجنة المركزيّة قرابة ال-3 منها فرّ وكرّ مع المؤسسة العسكريّة وأكثر من نصفها في السجون العسكريّة ، و-5 سنوات في السلطة المحليّة وصولا إلى رئاستها و-2 سنة في “الوحدويون الوطنيون” ومرشحهم للكنيست في تحالف “التجمع الوحدوي الوطني” عام 1999، و-13 سنة في التجمع وصولا إلى المكتب السياسي ورئاسة المجلس العام و6 سنوات في الكنيست.
على خلفيّة هذه المقدّمة وتجاربي فيها وموقفي من الانتخابات أبيّن الآتي:
أولا: الكنيست ليست بتاتا موقعا سهلا للعربي الفلسطيني الوطني في هذه البلاد، ووجودنا فيها يحمل كما هائلا من التناقضات والمتناقضات ليس بالسهل التعامل معها، أم وقد حسمت أكثريتنا أحزاب وحركات وجمهور الموقف ورأت أن تقتحم هذا الموقع فليكن الاقتحام دون تردد وبالمشاركة الفاعلة. ومن نافل القول التأكيد أن العمل الوطني والرسالة الوطنيّة وميدان العمل الوطني أكبر كثيرا وأوسع كثيرا من الأحزاب ومن الكنيست وتبقى هذه إحدى الأدوات وربّما الأدنى مكانة.
ثانيا: سيمفونيّة شراكة القوائم العربيّة لازمتنا منذ العام 1996 وما زالت وكانت إيقاعاتها هذه المرة أشد وتذكرك تماما بسمفونيّة “ماذا فعل لنا أعضاء الكنيست العرب؟”، ولا أستبعد أن في بعض محطاتهما يقف نفس الناس من وراء الكواليس ومن أمام الكواليس وإن اختلفت المنطلقات بينهما، لكنها تلتقي في النتيجة وهي إضعاف التمثيل! ورغم أن ال”وحدة” التي كانت مطروحة هي وحدة كراس مرّت مفاوضاتها على بعض الشرائح مرّ الكرام في حين أن حاجتنا هي لوحدة ميدانيّة أهليّة تتآكل ونحن بأمس الحاجة إليها فهي ضمان شكل بقائنا المستقبليّ وفيها وعليها يجب أن تُصرف الطاقات.
ثالثا: ومع هذا إذا لم يبق أمام القوائم من وسيلة لإخراج الناس للانتخاب إلا الشراكة المصطنعة فعليها أن تجيب على ألف سؤال! والتلهي بمن هو المسؤول عن عدم إنجاز الشراكة أكبرُ خطرا على الناخب من عدمها.
رابعا: التحدّي الأساس أمامنا كأقليّة قوميّة بحكم التاريخ والواقع هو بقاؤنا ووجودنا وشكل هذا البقاء والوجود، فقلعنا من وطننا مستحيل ولكن شكل تواجدنا هو التحدّي، والخيار بين أن نكون كما نحن اليوم مجتمعا يُنخر طائفيّا بسبب الطروحات الطائفيّة المستشرية لن تنفع معها كل “الرتوش” التجميليّة، ومجتمعا يملأه العنف والتخلّف، وهذا وذاك تغذيهما مؤسسة عنصريّة وتتغذى عليهما ونحن نقدّم أنفسنا قرابين سائغة، أو مجتمعا متماسكا ميدانيّا وأهليّا.
خامسا: موقفي المعلن من الترشّح أراحني من الدخول في متاهات العراك على شراكة انتخابيّة، كنت كتبت ومباشرة بعد انطلاق الدعوة إليها مقالا قلت فيه أنها لن تتم، اللهم إلا أني دُعيت لافتتاح مؤتمرين لحزبين وقلت فيهما وعلى الملأ: أن الوحدة التي تدعون لها هي شراكة ولا تعبّر عن الوحدة التي نحن بحاجة إليها فوحدة تبقي زوايا من زوايا بيتنا خارجها وهدفها تحصين هذا وذاك ليست وحدة.
أخيرا: لم أترك الحزب الشيوعي حينها والجبهة على خلفيّة تنظيميّة وإنما فكريّة وما زلت حتّى اليوم أختلف معهما فكريّا وسياسيّا جزئيّا وأتفق كليّا معهما اجتماعيّا ، ورغم ذلك تجربتي في صفوفهما وخارج صفوفهما ومواكبتي اللصيقة للحياة السياسيّة، تجعلاني وبكل مسؤوليّة أن أعلن أن الجبهة هي الأكثر مبدئيّة فكريّا وسياسيّا واجتماعيّا وهي الأحق بالدعم.
أود أن انوه أني أطرح هذا الموقف بموقعي الشخصي لا أمثل فيه “التحالف الوطني العربيّ الدرزيّ- الميثاق والتواصل” وليس نابعا لا عن مفاوضات تمّت ،إذ لم تتم، ولا عن اتصالات جرت ولا انتظرها.
النائب المحامي
سعيد نفّاع