أيّار 2007
لله در أهالينا كم وفروا لنا من أمثال ” تفش الخلق أو الغل”، وكم نحن بحاجة في الكثير من الأحيان لفشّة غل أو خلق، ونحن نعايش قادة شعب قدر الله لنا أو اتكلنا عليه كلية دون أن نكلف أنفسنا إيجاد القليل من القطران فضاعت الناقة أو سرقت في غفلة اتكالنا ، فصاروا لنا كذلك حكاما.
ما يحضرني من أمثال أهالينا وعلى ضوء تصريحات أعضاء الحكومة الإسرائيلية بعد جلستها الأسبوعية هذا الأحد لبحث الأوضاع في غزة أو الأصح في سديروت، هو: “الصراخ على قدر الوجع”. فصراخ الوزير إيلي يشاي المتدين المتشدد وزميله المتدين المتعصب إيفي إيتام هو فعلا على قدر الوجع الذي يحملونه من لبنان والآن منغزة هاشم. ونحن حتى وإن بدونا عنصريين في قولنا الآتي، نتمنى لهما استدامة هذا الوجع إلى أن تبح أصواتهما أو تخرس.
الوزير يشاي يصرح: “يجب تدمير كل قرية يطلق منها صاروخ على سديروت، وبعد تدمير واحدة أو اثنتين ستقف الصواريخ”، ربما يجيء تصريح هذا الوزير من منطلق ألمه على سكان سديروت الذين ينتمون إلى نفس طائفته المغربية التي يدعي تمثيلها. لكن من الضرورة أن نذكر الوزير بتصريحه الذي لا يقل ناريّة إبان حرب لبنان فصرخ عندها ومن نفس المنطلق: ” يجب أن يكون واضحا لحزب الله أنه إذا ألقي حجر واحد على إسرائيل، سيكون علينا تحويل كل القرية التي القي منها الحجر إلى كومة حجارة”.
هل يجب أن نذكر فاقد الذاكرة هذا بنتائج حرب لبنان؟ وإلى متى سيبقى الوعي الجماعي الإسرائيلي يغط في هذه العنصرية التي مفادها أن العرب لا يفهمون إلا لغة الوعيد والتهديد بالقوة؟ ولكني أميَل إلى الاستنتاج أن ما يؤلم الوزير هو تمام أن هذا الوعي الجماعي مهتز وحتى الأعماق، وما من دليل على ذلك إلا هروب غالبية سكان سديروت أبناء طائفته إلى مخيمات جايدماك ولاحقا إلى صندوق اقتراع جايدماك، بعد أن لم تفدهم لا الحُجب ولا الأدعية.
أما زميله المتدين القومي إيتام، ورغم أني لا أعرف عدد الشعر الذي يحمله جسم الإنسان، فإن كانت شعرة واحدة من شاليط تساوي رأس اسماعيل هنيّة، فيا ترى هل تساوي كل الأمة العربية والإسلامية عددا، شعرات جسم شاليط؟
هؤلاء الناس ليسوا خطرا على شعوب المنطقة والإنسانية فحسب إنما أولا وقبل كل شيء على شعبهم، فيما يخص شعبهم فهم الأولى ولعل في تاريخهم ما يتعظون به ولكن هذا شأنهم. لكن فيما يخص تدمير قرى أبناء شعبنا فهذا يخصنا، وما نستطيعه اليوم هو تذكيرهم أن حجارة قرى لبنان تحولت إلى صواريخ رحّلت مليونا منهم وحجارة بيوت غزة تحولت كذلك، وهكذا ستتحول حجارة القرى التي سيدمرها يشاي لاحقا. وشعرة شاليط ما دامت تساوي كل هذه الملايين فما لكم لا تبدلوا كل جسمه ببضع مئات من الأسرى؟
ما نستطيعه هو تحذيرهم من مغبّة هذا التوجه في الوقت الذي تمتد اليد العربية بمبادرة سلام عربية جامعة، رغم ما يكتنفها من نواقص، هي فرصتهم التاريخية كي لا تتحول قراهم كذلك إلى أكوام حجارة أسوة بالقرى العربية.
أمّا تجاه أنفسنا فيكفينا أن نسأل السؤال: هل أكوام حجارة بيوتنا في غزة والضفة ولبنان والنقب هي فتحاوية أو حمساوية أو شيعية أو سنية أو قومية أو إسلامية؟!
النائب سعيد نفاع
التجمع الوطني الديموقراطي
أيار 2007