المكتب السياسي للحزب دعا …وها أنا ألبّي الدعوة

آذار 2014

دعا المكتب السياسي للحزب الشيوعي في بيانه الصادر غداة وعلى خلفية الانتخابات البلديّة في الناصرة الأصدقاء أن لا يبخلوا على الجبهة بملاحظاتهم، وها أنا كصديق للجبهة أمدّ اليد، ولكن أقدّم قولا: إذا كان مد اليد المطلوب هو من باب “الطبطبة” فأكون قد أسأت فهم الدعوة، واستميح مقالي هذا عذرا مسبقا أنْ مصيره سلّة المهملات في أحد غرف المكاتب.  وبهذا يكون لحق بمقالين آخرين في هذا المجال غداة الانتخابات القطريّة تناولت فيهما النتائج “المتواضعة” التي حققتها الجبهة مشخّصا ومقترحا إجراءات عمليّة.

قلت في مقال سابق آخرَ أني أكتب ربّما “متطفلا” على الجبهة، ولكن على الأقل، من باب حرصي ربّما المهووس على بيتنا الفلسطينيّ الداخليّ، الذي لم تبق فيه زاوية نظيفة إلا من بعض “عجق” ولكنه “عجق” على الأقل من مخلفاتنا نحن وليس من مخلفات بترول آل سعود أو آل ثاني،  زاوية تأويني وبقية أبناء شعبي أخوة “أشقاء” على اختلاف “نطقنا للقاف والظاء والثاء”، إلا الجبهة و-“اسأل مجرّب ولا تسأل حكيم”، وحتى لا يُساء فهمي لست على اتفاق كليّ لا مع الجبهة ولا مع الحزب في جزء ليس بقليل من الأمور فكريّا وسياسيّا.

ما قرأت حتى الآن من مقالات تناولت “الهزّة الانتخابية” درجة 5.5 على سلم ريختر حسب تقديري، هي في غالبيتها تشخيص ووعظ وإطراء ومواساة وفي أحسن الحالات وخزة هنا وأخرى هناك، فكلّ هذه على أهميتها لا “تشبع من جوع ولا تروي من عطش” إن لم يرافقها اقتراح دواء، والدواء مرّ إلا ذلك المعطى للأطفال تحايلا ، والجرعات يجب أن تكون علانيّة فغالبية الناس ليست أعضاء هيئات، وأعتقد أنهم يريدون أن يروا الجرعة المرّة ربما والمتجرعين وعلى الملأ ورؤوس الأشهاد.

وأبدأ بالاتحاد…

هذا البيان الذي ألبّي ما دعا إليه، نُشر في الاتحاد وعلى رأس صفحتها الأولى وبالبنط العريض بكذا أخطاء إملائيّة التعن فيها الجدّ الأولّي للهمزة في اللغة العربيّة.

وفي نفس العدد أو في الغداة نقلت الاتحاد خبر التظاهرة التي نظمتها اللجنة الشعبيّة للتضامن مع سوريّة وقيادتها الوطنيّة قبالة القنصليّة الفرنسيّة في حيفا، جاء في عنوانه : “تظاهرة للتضامن مع النظام السوري وقيادته (!)”، لكن ليس بيت القصيد في هذا وفقط، وإنما شاءت الصدف أني كنت قد قرأت الخبر في أحد المواقع “ليست الصديقة للجبهة” ناقله مراسل هاوٍ، وكان خبر الاتحاد نقلا وبالكلمة وب-“النظام السوري وقيادته”.

المواجهة بين أبناء سخنين وبيتار أورشليم (!) منذ زمن لم تعد مواجهة رياضيّة وأبناء سخنين فازوا عل بيتار وفي عقر دارها فوزا أعتقد أن لا أحد لم يعلم به حتى أولئك الذين “تربطهم” بالرياضة عداوة تاريخيّة، اللهم إلا الاتحاد فنشرت النتيجة عكسيّة.

هذه هي الاتحاد أيها الأخوة… ليست أية صحيفة وليست مجرد صحيفة… فكيف يحدث هذا وأين كان المحررون ؟!

ليست هذه هفوة، ولكن الأهم هذا مؤشر على كيف يتم التعامل مع ركائز الحزب والجبهة وعلى مثل هكذا مؤشر تستطيع أن تقيس!!!

وأكثر من ذلك، أكثر من مرّة تصادف أن طرحت أمام بعض القياديين بعض ما كُتب في الاتحاد متسائلا، وجاءني الردّ الصاعق: والله يا “رفيق” ما قرأت، وبلهجة اعتذاريّة لم تصلني هنالك مشكلة في التوزيع (!). هل يُعقل؟!.

أذكر أكثر من مرّة كيف كان طيب الذكر توفيق طوبي يناقشنا وبهدوئه ورزانته الكانا معهودين فيه، في مقالات كنّا نكتب، وأذكر عينيّا مقالا كنت كتبته تحت عنوان “قراءات في خطاب غورباتشوف بعيدا عمّا أحب وعمّا أكره”، نشرَته الاتحاد رغم عدم تماشيه مع مواقف الحزب وصادف أن التقيته فناقشني فيه ملاحظا موجها، ولم يكن الوحيد صاحب هكذا نهج.

كيف للقائد أن يقود إن كان لا يعرف ولا يُتابع ما يُكتب في صحيفة منظمته؟! كيف له أن يعرف ما يدور في صفوق منظمته إن لم يفتح المجال أولا أمامهم لقول ما يريدون ومن ثمّ قراءة ما يكتبون؟!

الجبهة والجبهتان وصدّ الأبواب…

في موقع أعرفه جيّدا ومنذ سنوات تخوض الجبهة الانتخابات المحليّة بجبهتين ( يبدو أن العدوى انتقلت لمواقع أخرى)، والاختلاف الظاهر هو على الرئيس، وبدل أن تحل القيادة المشكلة “فزع” البعض لهذا الفريق و”فزع” البعض الآخر للفريق الثاني، وفي أحسن الحالات رفعت القيادة اليد: فما دام الفريقان قطريّا جبهويان (يصوتان للجبهة) فماشي الحال!

أمّا عن صدّ الأبواب فحدّث ولا حرج…التقى النائبان محمد بركة وحنا سويد وآخرون وبمبادرة النائبين، عشيّة الانتخابات القطريّة مع إطار وطني ذي امتداد جماهيريّ لا بأس به، مقترحين دعمه للجبهة لا بل وأكثر من ذلك استعداد الجبهة قطريّا لفتح أبوابها أمامه كمركب من مركباتها، وأنها على استعداد لتلبية طلباته.

كان ردّ الإطار وباجتماع موسع بحضور عشرات من شخصيات اجتماعيّة اعتباريّة: “تقديرا لمواقفكم فانتم تستحقون دعمنا، نحن سندعمكم ودون أية شروط أو مطالب”، وبالنسبة للشق الثاني فلنأجل ذلك لبعد الانتخابات. مضى على الانتخابات سنة وما زال الإطار ينتظر ال- “ما بعد الانتخابات”.

أسوق هذا الأمر كحقيقة تاريخيّة لما فيه حسب اعتقادي من مؤشر على شكل تعامل قياديّ من ناحية، ولكن الأهم ومن الناحية الأخرى أن كوادر الجبهة في المواقع المتواجد فيها أعضاء هذا الإطار لم يكلفوا أنفسهم التوجه أو التنسيق مع أعضاء الإطار ليجدوا هؤلاء أن الرسالة “لا فيكو ولا في إطاركو”، ورغم ذلك في بعض المواقع الوحيدون الذين فتحوا بيوتهم أمام مرشحي الجبهة في خلقات بيتيّة هم أعضاء هذا الإطار وليس “عناوين” الجبهة في الموقع العينيّ.

فصل القول أن هنالك أناس في الجبهة صاروا يعملون على صدّ الأبواب أمام الأصدقاء ك-“العصبة المغلقة”، فكل دخول إليها أو انفتاح منها على الآخرين خطر على “العصبة”، وطبعا المبررات والأسباب جاهزة مُقوْلبة  في صلبها الحرص على نقاوة “العصبة” من الانتهازيين وهذه الكلمة هي في أضعف الإيمان (!) ، أما حقيقة الأمر فهي الخوف والحرص على أنفسهم ومواقعهم المتخيّلة ودرء الخطر المتخيّل عليهم وعلى مواقعهم ليس إلا، وبين الأولى والثانية ليس من الصعب اكتشاف من هو الانتهازيّ.

وأخيرا…

ها أنا لبيت الدعوة وأتمنى أن لا أكون قد أسأت فهمها فعندها سأكون ضيفا ثقيل الظل، فأطلب العذر مسبقا و”التوبة لن أعيدها”… وأعرف أني لم أقترح الجرعة التي أرى كاملة رغم ملاحظتي في ناصية هذا المقال وذلك جريا على الحديث الشريف:  “رحم الله امرءا عرف حّدّ (قدر) نفسه فوقف عنده”.

سعيد نفاع

Sa.naffaa@gmail.com

أواخر آذار 2014

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*