آذار 2011
ملاحظة: كنت كتبت هذا المقال قبل ربيع الشعوب العربيّة بكثير وعلى خلفيّة ترويج ل”ولد” يجلس على كرسيّ سكرتير حزب قبل الكثير من الحكام العرب، ضدّي أني كنت داعما لقوى 14 آذار في الحرب اللبنانيّة، فنصحني صحافيّ محرر لأحد صحفنا المحليّة أن لا أنشره “لأنهم لا يستأهلون” فقبلت نصيحته. عدت إلى هذا المقال اليوم وعلى خلفيّة انطلاق الحركة التصحيحيّة في التجمع الوطني وعودة هذا “الولد” * للنغمة النشاز إياها، وهكذا كنت كتبت:
أعتز بعلاقاتي المميّزة مع وليد جنبلاط وعلى الأقل من منطلق أنه من القادة العرب القلائل وهو وأهله وحزبه في لبنان الذي لم تتلطخ أيديهم بدماء لا بل امتزجت في ربوع لبنان بدماء أبناء شعبي العربي الفلسطينيّ الذي أنتمي إليه وأعتز بانتمائي إليه أولا وقبل كل شيء. ولكن هذا لم يجعلني أوفّر فيه إدانة موقفه عندما لزم الأمر وعلى الملأ ببيان سيرد ذكره لاحقا.
أقول هذا الكلام موضوع العنوان والمقدمة وفي هذه الأيام بالذات بعد أن بلغت الأمور مبلغا أن ينشر موقع فرفِش الإلكترونيّ على خلفيّة “المناوبة على كرسيّ العرش- كرسي الكنيست” بقلم الصحفي ريمون مرجيّة أن:
” حزب الله وراء المطالبة بتنحية نفاع!
علم موقع فرفِش من مصادر مقرّبة من التجمع الوطني الديموقراطي أن سبب الخلاف بين الحزب والنائب سعيد نفّاع ومطالبته بالاستقالة، يعود إلى الحرب الأخيرة على لبنان، ودعمه لرئيس الحزب الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط وموقفه (سعيد) السلبي من المقاومة اللبنانيّة”.
كنت سأعتبر هذا الكلام “فرفشة” وأتابع التجاهل لولا أنّ هذه السمفونيّة بدأت تُسْمَع وتُسَمّع ضدي منذ فترة طويلة لغرض في نفس يعقوب وعلى الطريقة الجيفلزيّة (وزير داخليّة هتلر صاحب المقولة: اكذب ثم اكذب ثُم اكذب فيصدقك الناس!). سُمعت وأُسمِعت وعادت اليوم للعزف على يد نفس الجوقة والشخصيّة التي يصح فيها قول العرب: “تراه كالنخل وما أدراك ما بالدخل!”
إحدى حجج هذا “النخل وجوقته” أني كتبت ضد المقاومة خلال حرب لبنان، فوجدتني أعود إلى كل ما كتبت خلال الحرب وما يتعلّق بها لأنبش فيه باحثا عن ضديّتي هذه للمقاومة، (وهو كله منشور بالمناسبة في موقع عرب ال-48)، فعييت. ولكني رأيت أن أتعبك معي عزيزي القاريء وأعيد عليك ما كتبت متحملا راضيا ب-“مسبتك” مسبقا. فماذا وجدت؟
وجدتني قد كتبت خلال الحرب (تموز 2006) وما بعدها وبما يتعلّق بها أربعة مقالات وشاركت في إصدار بيان باسم “ميثاق المعروفيين الأحرار” وأعطيت مقابلة لموقع الحزب التقدمي الاشتراكي (حزب وليد جنبلاط)، وهذا كل ما كتبت وماذا فيه؟
هاك الاقتباسات:
أولا: في 06\7\24 نشرت مقالا يحمل عنوانا، الحديث الشريف “كما تدينون تدانون كيفما تكونوا يول عليكم” قلت فيه فيما يخص موضوعنا:
بغضّ النظر إن كان نصر الله (لعلّ في عدم ذكر السيادة قبل اسمه ضدّية للمقاومة ؟!) أقدم على خطوته بأسر الجنود الإسرائيليين آخذا بالحسبان ردة الفعل الإسرائيليّة الحاصلة والعربيّة الحاصلة أم لا، وبغض النظر عن أنّ العدوان مبيت ومخطط ومدروس لتنفيذ القرار 1559 بعد أن فشلت كل الطرق الأخرى، وهذا هو الأرجح، وبغض النظر عمّا يمكن أن يسفر عنه هذا العدوان من نتائج سياسيّة، فعسكريا فلا حزب الله سينتصر على إسرائيل ولا إسرائيل ستسحق حزب الله. وعطفا على عدوان ليس أقل هولاً يتعرض له شعبنا الفلسطيني ولنفس الحجة السؤال هو: هل صحيح أن الشعوب العربيّة والإسلاميّة ملجومة بفعل حكامها؟
أهذا كلام يعدّ ضدّ المقاومة؟!
ثانيا: في 06\8\11 يومان قبل انتهاء المعارك كتبت مقالا آخر بعنوان ” الانتصار في المواجهات هو الانتصار على الوعي السائد” قلت فيه:
رغم ذلك يظل الانتصار في هذه الحرب رهينة الوعي الذي سيسود بعدها، إذا غيّرت هذه الحرب الوعي السائد لدى الجانب الإسرائيلي أن القوة المعتمِدة على أن الجانب الآخر لا يفهم إلا إياها وسيلة، إذا غيّرت هذا الوعي بوعي مفاده أن ليست هذه الطريق لاستمرار وجودها، فهذا انتصار مدو لنهج المقاومة، الطرف الأضعف في ميزان القوى، لن تسلّم إسرائيل به بهذه السهولة لكن يكفي أن يسود لديها وعي، ولو باطنيا، ينتج عنه الاعتراف بحقوق العرب المبلوعة على يديها ولو بعد حين.
وأنا وبصفتي طرف غير محايد أميل إلى الاعتقاد أن هذه الحرب إن لم تغيّر الوعي السائد (لدى إسرائيل) لكنها تهزّ أسسه ولن يصمد في الجولات القادمة.
أين ضدّيتي للمقاومة في ذلك؟!
ثالثا: وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ويوم 06\8\18 كتبت مقالا بعنوان ” ما بين التّغني بالتجربة والاستفادة منها” أقول:
بغض النظر إن حلا لك أن تسمي تحصيل الحاصل في لبنان انتصارا أو صمودا، ما اجترحه شباب المقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة لم يكن جديدا على الشباب العرب. إذا استطاع شباب المقاومة الإسلاميّة خلال 33 يوما تدمير 50 دبابة وآليّة بصواريخ الباغوت، استطاع ضعفه شباب المقاومة الفلسطينية والوطنية اللبنانية سنة 1982 خلال 7 أيام، واستطاع ضعفه مغاوير الجيش السوري وصواعق الجيش المصري خلال يوم وكل يوم في حرب تشرين 1973 بصواريخ الستنجر، الإحصائيات أعلاه باعتراف القادة الإسرائيليين… والمهم وما يشغل البال هو: هل يضيع أو يُجهَض الإنجاز الذي تحقق ولو جزئيا مثلما ضاعت الانجازات السابقة وخصوصا في ال-1973؟
فأين موقفي ضد المقاومة أيها الجفلزيين؟!
رابعا: وفي مقال آخر من يوم 06\8\22 تحت العنوان ” النقد الذاتي بعد الانتصار” كتبت:
قلت في مقال آخر أن ملك الدنيا، والآن أقول والآخرة، لا يساوي جسد ذلك الطفل ابن قانا وأي طفل، والآن أقول لا بل ظفره، منتشلا من تحت الأنقاض مدلياً “بزّه الكذاب- مصاصته” على صدره، ولا شك ولا حيرة عندي من هو المجرم والسبب والمتسبب، وإذا كان لا بدّ من الإشارة منعا للالتباس في المفهوم ضمنا، فشُلّت (وليس “قُطعت” لتبقى مدلاة للذكرى) اليد التي ضغطت على الزر واليد التي ثبتت القذيفة واليد التي حررت مرسوم إطلاقها واليد التي صنعتها.
فهل هذا الكلام ضدّ المقاومة؟!
خامسا: وفي البيان الذي كنت شريكا له والصادر عن “ميثاق المعروفيين الأحرار” إدانة لموقف وليد جنبلاط، كُتب:
“قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن في أول رد على خطاب النائب وليد جنبلاط (الذي هاجم فيه سوريّة وحلفاءها): هذا الكلام لا يليق بالمقام الذي يمثله وما كنت لأقول بعضه حتى على العدو الإسرائيلي. إننا نتبنى كلام الحاج حسن جملة وتفصيلا مضيفين: ما هكذا تورد الإبل يا وليد!”
وأضاف البيان:
“عندما وجدنا في خطاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ذهابا إلى من هم وراء شخص القائد، لم نسكت وعبّرنا عن استيائنا خطيا رغم موقفنا المعروف من المقاومة. لكننا لن نسكت كذلك عندما نجد في خطاب النائب وليد جنبلاط ذهابا إلى هذا المدى الخطير كذلك على المسيرة التي أطلقناها معا لرفع الظلم الإسرائيلي الواقع على العرب الدروز في ال48، ومن سخرية القدر أن يجيء كلام النائب جنبلاط في نفس اليوم الذي يحتفل أهل الجولان المحتل باليوبيل الفضي لانتصارهم بالحفاظ على هويتهم العربيّة السوريّة وتثبيت هذا الانتصار حتى اليوم، واللذان ما كانا ليتما لولا دعم وعدم تخلّي وطنهم الأم سوريّة عنهم بقيادتها وشعبها رغم الاحتلال”.
وأردف البيان:
“آمنا وما زلنا في حقّ الشعوب بمقاومة الظلم أيا كانت أشكاله وبالوسائل التي ترتأيها، فأي تسونامي يمكن أن يكون حاصلا عند وليد جنبلاط لا يبرر انجرافه عن هذا الموقف… نحن نعرف أن أي كلام يمكن أن نقوله في هذا السياق لن يغيّر من مواقف أو الأصح خيارات النائب جنبلاط الأخيرة، ولا نحن على قدرة أن نؤثر فيها رغم مناقشتها معه وجاهيا منذ أشهر قليلة معبرين عن موقفنا الرافض لها بكل صراحة ووضوح، بل أكثر من ذلك حذرناه من مصير “حامل لواء الفيل يا ملك الزمان”!
أبعد هذا الكلام أفلا ترعوون يا …وهذا الكلام وما قبله منشور كما قلت في موقع ال-48؟
وأخيرا في 07\11\2 أجرى معي موقع الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وجريدته الأنباء مقابلة (قبل أن يطلق جنبلاط مواقفه الأخيرة التصحيحيّة) قلت فيها ونشرها الموقع والجريدة رغم مواقف جنبلاط:
“… نحن نرى في المشروع الصهيوني اقتصاصا من وجودنا في ال-48 ونحن نرى أن في المشروع الأميركو- صهيوني للشرق الأوسط الطائفي الخطر الأكبر على أمتنا، لذلك نرى أنفسنا جزء من المعسكر الممانع المقاوم لهذا المشروع على كل الساحات العربيّة.
نحن لا نتمنى فقط، بل أننا على ثقة أن المياه في بلدكم ستعود لمجاريها بين كل شرائحه، فالبلد الذي ضمّخ ترابه الدم العروبي في كل مسيرته التاريخيّة لن يقبل بأقل من هذا الانتماء، ولذلك هو قادر على إزالة كل العقبات في سبيل بقائه منارة عروبية.
نقول هذا لأن قراءتنا لمجريات الأمور على الساحة الإسرائيليّة تجعلنا على قناعة أن حربا عدوانيّة إسرائيلية ما زالت مبيتة ضد لبنان وضد سوريّة ليس فقط ثأرا لصمود لبنان العسكري والأهلي إبان حرب تموز 2006 العدوانيّة إنما جزء من استراتيجيّة، وأن إطلاق شرارتها مسألة وقت ليس إلا وخاضعة فقط لمعايير إسرائيليّة وقرار أميريكو – إسرائيلي ضمن المشروع الشرق أوسطي القديم الجديد.
أليس هذا كاف لتملأوا أفواهكم …!
وأخيرا: أن يختلف معي البعض أمر يُفهم أن لا يريدني هذا البعض في “الكنيست الصهيونيّ” أفهم ذلك، لكن أن يغلّف إرادته المريضة بالتزييف فهذه مسألة فيها نظر!!!
*الولد هو سكرتير عام التجمّع حينها.
*هذا الولد وسيّده في قطر وكلّ الجوقة التي هاجمتني لم يطُل المطال حتّى رأيناها في صفّ كل أعداء المقاومة وسوريّا.
للنشر آذار 2011
saidnaffaa@hotmail.com