وذكّر إن نفعت الذكرى… الانتخابات ووجه شعبنا…محطات

كانون الأول 2008

المحطة الأولى تاريخيات…

 

لا أعتقد أن هنالك نقاش بين أثنين أن الطائفية والعشائرية في أمتنا كانتا وما زالتا المنفذ لكل أعدائها، من بابها نفذوا وضربوا وسادوا. ولا أعتقد أن اثنين يختلفان أن أحد أسباب تخلف أمتنا على شرائحها المختلفة نابع من عشائريتها وحمائليتها.

هاتان الآفتان كانتا وما زالتا الداء الذي  ينخر في جسدنا وأحيانا تطاول العدوى الحركات الوطنيّة وليس بالضرورة بسبب تعريضها على يد أعدائها إنما بسبب تعرضها هي للعدوى. هكذا كان في حركتنا الوطنيّة الفلسطينيّة ومباشرة بعد الاحتلال البريطاني إذ “تُشُكلّت” اللجان الوطنيّة الإسلاميّة (!) وبرئاسة حسن شكري رئيس بلدية حيفا، بديلا عن اللجان الوطنيّة الإسلاميّة المسيحيّة عصب الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة.

 

لا يستطيع أحد أن ينسى أو ينسّي أجيالنا أن فلسطينيي البقاء وباستعادة (!)وعي تدريجيي بعد النكبة انتقلوا من التصويت بغالبية ساحقة ماحقة للأحزاب الصهيونيّة ومجروراتها القوائم العربيّة التي كانت مركبّة (إسلاميا ومسيحيا ودرزيا)، انتقلوا إلى التصويت للحزب الشيوعي بقائمته اليهوديّة العربيّة دون حتى أن يتساءل أحد ما هو الانتماء المذهبي أو الديني للمرشح العربي ولا من أي وجه من وجوه أبناء شعبنا هو.

استمر هذا الحال حتى نهاية الثمانينيات دون أن يسأل وطني نفسه من أبناء شعبنا عن وجوه لشعبنا إذ رأوا أن لشعبنا وجه واحد وليس أكثر هو الوجه العربيّ، وحتى بعض الشرائح (الدروز) التي سقطت أو أسقطت بين براثن الصهيونيّة صوتت في انتخابات ال-1969 بآلافها للحزب الشيوعي مما جعل صحيفة يديعوت أحرونوت أن تخرج وبعنوان رئيسي: ” حتى أنت يا بروتس!” ، معتبرة هذه الشريحة كبروتس صديق قيصر الذي غدره وبخروجها من تحت نير الأحزاب الصهيونيّة ومجروراتها تغدر هي تلك الأحزاب.

 

المحطة الثانية الحزب الشيوعي…

صار لشعبنا أكثر من وجه فجأة، في انتخابات 1992 عندما خرج أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي في اجتماع شعبي في دير الأسد والبعنة اقتبسته صحيفة الحزب الاتحاد غداة الاجتماع إذ كان رئيس تحريرها مفاده  :” يجب اتخاذ تركيبة شعبنا الطائفية في تشكيل القائمة”. جاء هذا على خلفيّة الدعوة لبقاء القائمة كيفما هي ( هاشم محاميد ، تمار جوجتنسكي ومحمد نفاع)  وكان الأخيران دخلا تناوبا بعد استقالة الأعضاء “العتقيّة”. هذا المقترح طار من الحزب وبعد أن انتخبت القائمة وصار لاحقا مقرب من حزب مبام اليساري الصهيوني “جد” ميرتس، إذ لم يستطع أن يصمد أمام الشعار: ” يجب الأخذ بالحسبان ينابيع الأصوات” الذي أطلقه قائد كبير مرحوم في الحزب وبما أن السنّة هم أكثرية المصوتين فكان رأس القائمة سنيّ والثاني سنيّ والثالث يهودي كرمال الأخوة اليهوديّة العربيّة والرابع مسيحي وطار الدرزيّ على أن تأخذ القائمة أربعة أعضاء فبصعوبة أخذت ثلاثة أعضاء، بعد أن كانت خمسة أعضاء عندما لم يعرف غالبيّة المصوتين من أبناء شعبنا إلا وجها واحدا لشعبنا.

 

المحطة الثالثة التقدميّة…

أمّا الحركة التقدميّة وبعد أن فشل تحالفها مع الحزب الديموقراطي العربي الذي ولد، فانتخبت قائمتها من المناضل محمد ميعاري يخلفه تميم منصور ويليهما باسم حمّاد. وطرح على اللجنة المركزيّة حينها (على ذمة الراوي) الإتيان بمسيحي للمكان الثاني لأنه لا يوجد لدى المسيحيين مرشح في بقيّة الأحزاب بمكان مضمون، فصالح سليم في المكان ال-4 في الجبهة والمرشح المسيحي في حزب العمل في المكان ال-44، وهكذا فأوتي بالسيد جريس خوري من فسوطة للمكان الثاني وتراجع تميم وباسم إلى الوراء، والبقيّة معروفة.

 

المحطة الرابعة والأخيرة

التجمع الوطني الديموقراطي…

أجمل ما في هذا الحزب هو تميّزه في الوجه الواحد، فعلى مدى دورات أربعة لم يسأل أحد عن غير السمرة الزائدة في وجه عزمي .

وهذا هو حال التجمع اليوم بغالبته العظمى، وهذا هو حال مصوتي التجمع بغالبيتهم العظمى، رغم عدم وجود وجه أسمر في القيادة كسمرة وجه عزمي فهم لا يريدون إلا قيادة وجهها هو  تاريخها النضالي عرفت الزنازين وعرفت الإقامات الجبريّة وعرفت الفصل من العمل، وحاضرها الالتزام بالوجه الواحد والقلب الواحد لأبناء شعبنا.

عشيّة مؤتمرنا الاستثنائي لانتخاب القائمة للكنيست ال-18 هنالك من خارجنا من يحاول أن يدفعنا ويتبعه عن حسن نيّة أحيانا وأخرى عن سوء نيّة من داخلنا  لنتبنى حشر شعارات مفادها أن لشعبنا أوجه مختلفة يجب أن تعكسها القائمة، ومثل هؤلاء يختزلون الأوجه والتبريرات كثيرة.

لشعبنا وجه واحد جميل جدا هو الذي يراه كل من يتطلع في وجه التجمع، وكل ما عدا ذلك أقنعة سقطت في ال-1992 وستسقط حتما في ال-2009. فكل من يرى أو يريد أن يرى أكثر من وجه واحد في شعبنا فعليه بطبيب عيون متخصص وسريعا وقبل فوات الأوان.

 

النائب المحامي سعيد نفّاع

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*